النظام الداخلي لنقابة الصحفيين..الداء و الدواء يقف الصحفيون اليمنيون اليوم على أبواب المؤتمر العام الرابع لنقابتهم , والذي كان يفترض أن ينعقد بالتزامن مع موعد انتهاء فترة مجلس النقابة السابق في 23 فبراير 2008م , إلاّ أن مجلس النقابة أضاف إلى رصيده الزاخر بالمخالفات والخروقات خرقاً جديد بتأجيل المؤتمر حتى 26 يوليو2008 م .... وقد يضيف جديداً ويؤجل المؤتمر العام إلى موعد آخر..... وبصرف النظر عن الموعد الذي سوف يتم فيه انعقاد المؤتمر العام الرابع لنقابة الصحفيين فإنه من الأهمية بمكان التذكير بالفوضى القائمة والمعاناة التي يتكبدها أفراد الأسرة الصحفية بسبب الاختلالات القائمة داخل نقابتهم , والتي هي بحاجة إلى إصلاح شامل يجعل منها نقابة محترمة تخدم المهنة ومنتسبيها ويتشرف أعضاؤها بالانتماء لها.... وليس جديداً القول بأن الإصلاح الشامل لأوضاع النقابة لا بد وأن يبدأ بإصلاح دستورها و تشريعها المتمثل في نظامها الداخلي العقيم ... الذي لم يعد صالحاً - كما لم يكن صالحاً في أي وقت مضى - ليكون نظاماً لنقابة تمثل صفوة المجتمع وأكثر شرائحه الاجتماعية وعياً وثقافة. للتذكير فقط وقبل الخوض في أبرز اختلالات ونقاط ضعف النظام الداخلي للنقابة , لا بد من التذكير بان هذا النظام ليس سوى توليفة من النصوص التي أخذت نصاً أو بالاقتباس من قانون الصحافة اليمني وقانون الصحافة المصري , ونصوص أخرى صيغت بشكل ارتجالي وغير مخطط وغير مدروس , وهنا أيضاً لا بد من الإشارة إلاّ أن ظروف المؤتمر العام الثاني فرضت نفسها على ذلك الارتجال في صياغة النظام الذي أعده شخص تم استقدامه من نقابة الصحفيين المصريين ويدعى" حاتم غريب " اتضح بعد ذلك أنه ليس عضواً في نقابة الصحفيين المصريين , بل أحد الموظفين فيها .... وبالتأكيد تعاون مع هذا الرجل آخرون ممن كانوا يعملون في نقابتنا غير أن جهودهم – وإن كانت تحسب لهم فيما يتعلق بانجاز المؤتمر العام الثاني – لكنها لم تكن موفقة في إعداد وصياغة نظام داخلي دقيق يجسد الديمقراطية والشفافية المؤسسية ويلبي أهداف واحتياجات الوسط الصحفي... وحتى لا يظل الحديث عامًا أو عائمَا سنضع في هذه القراءة التشخيصية أهم الاختلالات والعيوب والشوائب التي تعيب نظام نقابتنا وهيكلتها : أولا : اختلالات وتناقضات في نصوص النظام الداخلي نفسه: أ- نصوص تتعارض مع الدستور والتشريعات الوطنية ومع المواثيق والأعراف الإنسانية ذات الصلة بالحقوق والحريات ومنظمات المجتمع المدني ومن هذه النصوص : • المادة (1) الفقرة(أ) في الفصل الأول المتعلقة بالانتماء للنقابة ، والتي يقول نصها : مادة (1): أ - نقابة الصحفيين اليمنيين هي نقابة مهنية إبداعية طوعية ذات شخصية قانونية اعتبارية تضم الصحفيين في حقل الصحافة المكتوبة ممن تنطبق عليهم شروط هذا النظام . والملاحظة أن كلمة ( تضم ) تتنافى مع مبدأ طوعية الانتساب للنقابة وفقا للتشريعات اليمنية والعالمية ؟ • المادة(3) في الفصل الأول ذات الصلة بتعريف الصحفي والتي جاء نصها كما يلي : مادة (3): ( يعتبر الصحفي كل محترف بصفة أساسية ومنظمة مهنة الصحافة المكتوبة في مطبوعة صحفية تصدر بصورة دورية منتظمة أو وكالة أنباء محلية أو أجنبية تعمل في الجمهورية اليمنية ويكون عمله الصحفي مورد رزقه الرئيسي ولا تنطبق صفة الصحفي إلا على الحاصلين على عضوية نقابة الصحفيين اليمنيين). ويلاحظ أن هذه المادة تتضاد مع مبدأ طواعية الانتماء للنقابة .. فضلا عن أنها تعمد إلى إقصاء غير المنتمين للنقابة وتحاول أن تنفي عنهم صفة الصحفي وبذلك حقا لا تملكه ولا ينفق مع التشريعات النافذة في اليمن ولا مع المواثيق العالمية ذات الصلة بالحريات وحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني • المادة (11) الفقرة (ب)في الفصل الرابع والمتعلقة بشروط الترشيح لمنصب نقيب الصحفيين وعضوية مجلس النقابة حيث يقول النص : المادة (11) ..... ( ب - يشترط في من يتقدم لمنصب النقيب أن يكون قد أمضى خمسة عشر عاماً على الأقل كعضو عامل بالنقابة وخمس سنوات لمن يتقدم لعضوية المجلس) . ويلاحظ أن هذه الفقرة تتعارض مع أبسط مبادئ العمل المنظماتي المنصوص عليها في التشريعات اليمنية والعالمية وهو مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع أعضاء أية منضمة أو نقابة ب- نصوص غامضة ومطاطة وقابلة للاجتهاد والتفسير والاختراق ومنها : • المادة(10) في الفصل الرابع التي تحدد النصاب القانوني للجمعية العمومية ونصها على النحو التالي : المادة (10) : يكتمل النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية – في دوريتها العادية والانتخابية – بحضور نصف عدد الأعضاء العاملين زائد واحد في الموعد الأول لانعقادها وإذا لم يكتمل النصاب بعد ساعتين من الموعد يفتح باب التسجيل مرة أخرى لمدة ساعة إضافية , وفي حالة عدم اكتمال النصاب ثانية يؤجل انعقاد الجمعية العمومية لمدة أسبوعين مرة أخرى وتظل عملية التأجيل مستمرة على هذا النحو حتى يكتمل النصاب بربع عدد الأعضاء على الأقل . ج- نصوص يستحيل تنفيذها وبالتالي تشكل استحالة تنفيذها مبرراً لاختراقها باستمرار ومنها : • المادة (8) المتعلقة بدورة الانعقاد السنوي للجمعية العمومية حيث يقول نص المادة : المادة (8):( تنعقد الجمعية العمومية سنوياً في دورة انعقاد عادية في أو يوم أحد من شهر يونيو لمناقشة تقرير النشاط واعتماد الموازنة المالية للنقابة للسنة الماضية وإقرار الموازنة التقديرية للسنة الجديدة والنظر في تعديل بنود هذا النظام بموافقة ثلثي أعضاء الجمعية العمومية ). ويلاحظ أن هذه المادة أوكلت جملة من المهام ذات الصلة بال عمل الرقابي وكذلك مهام تطوير النقابة ونظامها الداخلي للجمعية العمومية في دورة انعقادها السنوية التي لم تنعقد في أية سنة منذ أن تم إقرار هذا النظام لأن انعقادها بشكل سنوي يتطلب إمكانات تساوي إمكانات المؤتمر العام د- نصوص تكرّس الشمولية وتداخل الصلاحيات وتفتح مجالاً للسيطرة والاستحواذ ومنها : • جميع مواد الفصل السادس ( 8 -22 ) ذات الصلة بشؤون العضوية حيث تجعل أحقية منح عضوية النقابة في يد لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء في مجلس النقابة وتمنع عن فروع النقابة في المحافظات أحقية الترشيح لمن يستحق العضوية وأحقية التمثيل في اللجنة التي تبت في طلبات العضوية من المحافظات هـ - نصوص توجد فيها أخطاء في التسميات والصياغة واللغة ومنها : 1. المادتان ( 3،4) المتعلقتان بتعريف الصحفي. 2. الفقرة(ج) من المادة (1) في الفصل الأول ذات الصلة بعضوية النقابة في منظمات أخرى. 3. الفقرة الأولى من المادة (23) في الفصل السابع ذات الصلة بحصول الصحفي على المعلومات. و- أخطاء تتعلق بترتيب المواد والفصول ومنها على سبيل المثال : • تعريف الصحفي / تعريف العضو/ شئون القيد / حقوق وواجبات العضو.. الخ يفترض أن تكون المواد التي تنضم هذه الجوانب مجتمعة ومرتبة في فصل واحد، لكن الواقع غير ذلك حيث نجدها مبعثرة بين عدة فصول ...؟ وهذه فقط عينة. ثانيا : اختلالات في هيكلية النقابة وتكويناتها: 1. النظام يكرّس المركزية المطلقة بوضع كافة المهام والمسئوليات على مجلس النقابة المكون من 13 عضواً.. ويمنح قيادات الفروع صلاحيات محدودة، 2. مهام الفروع غير واضحة وصلاحياتها محدودة. 3. العدد المحدود في مجلس النقابة ومحدودية عدد الأعضاء من المحافظات فضلاً عن الحصار المفروض على الفروع والمحافظات فيما يتعلق بمنح العضوية , كل هذا يقلل من إمكانية تأثير الفروع وحضورها في القيادة المركزية , في ظل عدم وجود هيئة قيادية وسطية يمكن من خلالها تمثيل الأعضاء الموجودين في المحافظات والفروع وتوصيل أصواتهم وهمومهم وقضاياهم. ثالثا : اختلالات ونواقص أخرى: 1. نقابة الصحفيين هي المنظمة الجماهيرية الوحيدة التي ليس لها هيئة رقابية 2. لا توجد ضوابط محددة تمنع المخالفات وتحد من اختراق النظام . 3. لا توجد رؤية لإيجاد مصادر تمويل ذاتية تحقق الاستقلالية المالية. 4. لا توجد رؤية لعمل نقابي مؤسسي مهني تضمن الحدود الدنيا من النجاح. 5. لا توجد أية ضمانات تشريعية لتمثيل المرأة في قيادات الهيئات النقابية في الوقت الذي أثبتت التجارب في شتى المجالات أن المرأة تمتلك قدرات إبداعية خلاقة , فضلاً عن كونها أكثر التزاماً وتمسكاً بالنظام والمؤسسية . 6. لا توجد أية لوائح داخلية تحدد المهام والوظائف والاختصاصات على مستوى كل لجنة وهيئة وفرع. رابعا : إفرازات هذه الاختلالات: - نقابة مشلولة. - أداء عشوائي ارتجالي فوضوي. - تكريس السطحية في فهم القضايا والتعامل معها. - تسلّط شديد يمارس على الجميع من قبل مجلس النقابة. - صراعات مستمرة داخل قيادة النقابة. - تهميش للفروع وعدم الاهتمام بموضوع الروابط وتفعيلها. - إهدار إمكانات ووقت وجهود بلا جدوى. - تجاهل مستمر للقضايا الحقوقية والمطلبية الإستراتجية. - التفريط بحق المشاركة الفاعلة والايجابية في صنع القرار المتعلق بالمهنة وشئونها والمنتمين لها ، مقابل الانشغال باهتمامات هامشية سطحية. - خرق مستمر للنظام الداخلي واستهتار بالتشريعات . - مركزية مفرطة تكرس الشمولية في أبشع صورها. خامسا : الإصلاحات المطلوبة: ولكي نتجاوز هذا الوقع ونصلح أوضاع نقابتنا ، كي تغدو مؤسسة مدنية مهنية، تؤدي دورها وتحقق طموحات أعضائها وتتبنى قضايا منتسبيها وتخدم المهنة وأبنائها، فإننا بحاجة إلى إصلاح النظام الداخلي للنقابة وبما يتضمن معالجة الاختلالات القائمة في النظام وفي الهيكلة وفي الأداء ، على أن تشمل التعديلات المطلوبة المتطلبات التالية : أ - ما يتعلق بالنصوص: 1. إعادة صياغة نصوص المواد الغامضة والمطاطة في النظام الداخلي بما يضمن وضوحها وعدم قبولها لأية تفسيرات أو اجتهادات. 2. إعادة صياغة النصوص التي تتضمن ما يخالف الدستور والتشريعات الوطنية والمواثيق ذات الصلة بالحقوق والحريات والنهج الديمقراطي. 3. إعادة صياغة النصوص التي يصعب تطبيقها وإيجاد بدائل وحلول لما تتضمنه هذه النصوص من قيم وبما يحقق الأهداف التي وجدت هذه المواد لتحقيقها. 4. إعادة صياغة النصوص التي تكرّس الشمولية والمركزية المفرطة وبما يضمن تحقيق اللامركزية وتوسيع المشاركة. 5. إعادة صياغة النصوص التي تتضمن أخطاء في التسميات أو التوصيفات أو الصياغة أو اللغة. 6. إعادة ترتيب مواد وفصول النظام الداخلي ترتيباً منطقياً ومتسلسلاً. ب - ما يتعلق باختلالات هيكلية النقابة وتكويناتها: 1. إضافة مواد تتضمن وجود هيئة رقابية وتحدد مهامها واختصاصاتها وآلية انتخابها على المستوى المركزي وعلى مستوى الفروع. 2. أيجاد هيئة أو مجلس أو تكوين قيادي تحت أي مسمّى يكون أكبر من مجلس النقابة و أصغر من الجمعية العمومية يتولى المهام الموكلة في النظام السابق للانعقاد السنوي للجمعية العمومية. ج - ما يتعلق بالاختلالات والنواقص أخرى: 1. إيجاد ضوابط واضحة وصارمة تحد من المخالفات وتمنع اختراق النظام. 2. إضافة مواد تعزز مصادر الدخل للنقابة وتضبط عمليات الإنفاق وتحد من الفساد والعبث بممتلكات النقابة. 3. إضافة نصوص انتقالية تضمن للمرأة حضوراً كبيراً في الهيئات القيادية للنقابة. 4. إضافة نصوص تحدد المهام الرئيسة للتكوينات القيادية وبما يضمن عدم تداخل الصلاحيات ويجسد شفافية الأداء . 5. إضافة نصوص تتضمن آليات عملية للرقابة وتحدد عقوبات وإجراءات واضحة إزاء المخالفات. 6. إضافة نصوص تمنح الفروع والروابط صلاحيات تتناسب مع مهامها وتساعد على تحقيق أهدافها. 7. إضافة نصوص تستوعب المتغيرات الجديدة في حياتنا العامة وفي الوسط الإعلامي بشكل خاص. |