لوجه اليمن بقليل من الانتباه والجهد النظري والعملي، يستطيع المرء المتابع للشأن اليمني ومجريات أحداثه ان يرى بكامل الوضوح ملامح مخطط تآمري تخريبي طائفي مذهبي وانفصالي يتخلق في رحاب الوطن بين ظهراني أوساط الرأي العام، محاولا استهداف تقويض صرح امن الوطن والمواطن والديمقراطية والتنمية تحت مبررات وذرائع ما انزل الله بها من سلطان في الأرض ولا في السماء. اما المنخرطون في مناشطه النظرية والعملية فهم على تعدد واختلاف مقاصدهم ومطالبهم أناس فقدوا مصالحهم الذاتية بفعل قيام الثورة اليمنية والتطورات اللاحقة وما كان بمقدورهم مواكبة مساراتها الوطنية والحضارية. بهذا يجد المرء أنهم يتعاطون معها من مواقع ونظرات الأمس القريب والبعيد، متوسمين أنهم قد يوقفونها او يعيدون جنات معقودة كانت فيما مضى ملكا لآبائهم او أجدادهم او يموتون فيعذرون. قوم قلقون ومتقلقلون في حياتهم الشخصية والسياسية لا يستقرون على حال من أحوال الدنيا، يسعون بين الناس بما لا يجوز من الاضطلاع بنشر الأحقاد وزرع الفتن لكنهم ما عادوا اليوم يقوون على إخفاء أغراضهم الشائهة على الناس التي ظهرت بأتم وأكمل ما يكون القبح في الحياة. في تقديرنا ان أخطرهم على امن المجتمع والحياة الآمنة والمستقرة هم المنظرون الأدعياء الذين يروجون لوجهات نظر زائلة وزائفة بين الناس عن الواقع، وهم يعلمون، فاحذرهم أخي المواطن ولا تركن الى فحوى قائلهم وقيلهم المدفوع بالاستثناء الى الحق الديمقراطي المشروع في الحياة السياسية الجديدة. فليس من النضال السلمي في شيء تفكيك عرى وحدة الشعب والوطن، وليس من حريات الرأي والتعبير في شيء أيضا التآمر على امن الوطن والتحريض على بث الكراهية والبغضاء بين أبناء اليمن. ان هذا وذاك من المكر السيئ السياسي والأخلاقي الذي تزول من هوله الجبال الرواسي في الأرض، والذي لابد ان يحيق بأهله عاجلا او آجلا. التعدد والتنوع في الحياة مبدأ طبيعي لا يعلو عليه، والتعدد والتنوع في الحياة السياسية قانون أساسي في النظر والعمل في اليمن الجديد اليمن الواحد الديمقراطي ولا يقلل من شأنه ما قد علق او يعلق به من أخطاء التطبيق المقدور على تصحيحه، وليس من الشراكة السياسية، ناهيك عن الشراكة الوطنية في شيء ان يترك الشعب والوطن نهبا لأطماع المذهبيين والانفصاليين. ليس من الشراكة السياسية او الوطنية في شيء ان تتهرب او تفرض أطراف فيها فكرة الحوار حول المسائل والقضايا المختلف حولها، مهما صور لها خيالها ان حجتها قوية في اتخاذ ذلك الموقف البائس إذا كانت تحرض على سلامة موقفها ومنافع الوطن والشعب المتمثلة دائما وأبدا في التفاهم والوئام الأهلي والوطني. ان اليمن الجديد وتطوره الطبيعي يفترض في قياداته السياسية والجماهيرية تطبيق معايير التوازن والاعتدال في الأقوال والأفعال واتخاذ مواقف حازمة وحاسمة تجاه مسوقي الفتن والتمردات على اختلاف صورهم وأشكالهم في الحياة السياسية والاجتماعية وسد الفجوات الخلل في الولاء والانتماء الى الوطن والعصر. العمل على تضافر جهود أبناء اليمن على تحريم وتجريم الهيمنة والتسلط والغلو والتطرف في الحياة السياسية والسعي الجاد الى إيجاد خطط وبرامج لتأهيل الإنسان اليمني الجديد ثقافيا وسياسيا وإفساح مجالات العمل الثقافي والمادي بطي صفحات الفتن والتمردات والفساد وإفساد وردم آثارها السيئة المشوهة لوجوه الحياة الجديدة. إن بناء الذات اليمنية الوطنية والحضارية مهمة عسيرة وغير يسيرة لو كان أهل الثقافة والسياسية يدرون بها وان اشد وأعسر مراحلها مرحلة بناء وعي الإنسان الجديد بمدركاتها ومحدداتها وما أيسرها وأسهلها إذا وحدت أسباب وعوامل وحدة الصف والكلمة بين أبناء الوطن فهل نحن جاهزون للابتعاد عن نزاعات الشقاق والنفاق ومستعدون للتضحية والتفاهم بمودة من اجل إلغاء وسلامة الوطن أمل ذلك والله أسأل أن يكون في عون الجميع. *عن السياسية |