انتقادات سعودية ومصرية لسوريا انتقدت المملكة العربية السعودية، السبت، سوريا، في الوقت الذي بدأت فيه القمّة العشرون لجامعة الدول العربية، وسط أجواء طبعتها مظاهر الانقسام، حيث اتهم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في مؤتمر صحفي عقده السبت وتزامن مع افتتاح القمة، دمشق بتعطيل جهود السلام في لبنان، داعيا الجامعة إلى معاقبة من لا يلتزم بقراراتها التوافقية وكذلك دمشق إلى أن "تكون الأساس في حل المشكلة اللبنانية." وقاطع زعماء مصر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية أشغال القمة التي تستغرق يومين، احتجاجا على الموقف السوري من لبنان، وهو ما زاد في تعميق الفجوة بين حلفاء الولايات المتحدة العرب وسوريا حليفة إيران وحركة المقاومة الإسلامية "حماس." وزيادة على ذلك، سافرت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى المنطقة لعقد محادثات حول مسيرة السلام من المتوقع أن تجمعها ببعض المقاطعين للقمة. وتتهم الدول الثلاث دمشق بعرقلة انتخاب رئيس جديد للبنان ويشتبهون في كون سوريا تريد إعادة فرض سيطرتها عليه. غير أنّ الرئيس السوري بشار الأسد، نفى في كلمته الافتتاحية لأعمال القمّة، أي تدخل في الشأن اللبناني. وعبّرت الدول الثلاث عن غضبها من الموقف السوري، بإرسال مسؤولين من مستوى منخفض لتمثيلها في القمة، في الوقت الذي قررت فيه بيروت مقاطعتها، وذلك للمرة الأولى منذ إقرار دوريتها سنويا في بداية القرن. وفي الرياض السبت، نفى سعود الفيصل أن تكون هناك محاولات "لعزل سوريا." وقال "لم أر أبدا أية محاولة من أي طرف عربي لعزل سوريا، ولا يمكن عزلها بأية حال، وهي في قلب الأمة العربية، ونأمل أن تساهم وأن تكون الأساس في حل المشكلة اللبنانية." كما انتقد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل "هجوم بعض الأطراف اللبنانية السافر" على الجامعة العربية، قائلا إنه "من المثير للأسف أن الأمر لم يقتصر على تعطيل المبادرة العربية، بل تجاوزها إلى حد هجوم بعض الأطراف اللبنانية السافر على الجامعة العربية (...)، في محاولة للتقليل من احترام وشأن المؤسسات العربية، وإضعاف دورها الهادف إلى تعزيز العمل العربي." وأوضح أن المبادرة العربية من أجل لبنان "حظيت بإجماع عربي كامل من دون استثناء، بما في ذلك سوريا، كما حظيت بتأييد دولي في إطار الجهود الحثيثة للمملكة على الصعيد الدولي." وتابع "لكن للأسف كانت هناك محاولات لتعطيل الحل العربي في لبنان، وهذه المحاولات بدأت منذ اغتيال المرحوم (رفيق) الحريري، والاغتيالات التي أعقبتها، ثم استقالة الوزراء في الحكومة اللبنانية وتعطيل المؤسسات بما فيها البرلمان من دون أية مسوغات دستورية." غير أنّ الفيصل انتقد أيضا دمشق لدورها في مزيد تعكير جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وكذلك بشأن الموقف في العراق. غير أنّ الأسد،أ عرب في كلمته الافتتاحية في القمة العربية الأولى التي تستضيفها بلاده، عن دعم بلاده للمبادرة اليمنية للمصالحة بين الفلسطينيين أنفسهم. وتجاهل الأسد الإشارة إلى الموقف من حركة حماس، رغم أن من القضايا المثارة التي أثيرت قبل القمة، تطرقت إلى ضرورة الأخذ برأي الحركة في الشأن الفلسطيني. وحول الملف اللبناني، نفى الرئيس السوري أن بلاده تتدخل في الشأن اللبناني، ومؤكداً أن بلاده تتعرض لضغوط كبيرة من أجل التدخل لا العكس. وقال: "إن مفتاح الحل بأيدي اللبنانيين أنفسهم، وأن أي دور آخر هو مساعد لهم وليس بديلاً عنه"، مؤكداً أن بلاده مستعدة للتعاون مع أي أطراف عربية أو غير عربية للمساعدة في استقرار لبنان. وحول العراق، أكد الأسد على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية وخروج آخر جندي محتل. واتهمت مصر سوريا بإضعاف القمة، وقال الرئيس حسني مبارك في خطاب تلاه ممثله فيها، إنّه كان يأمل أن يتمّ التوصّل إلى حل بشأن لبنان قبل انعقاد القمة "ولكن للأسف هذا لم يحدث." وإجمالا، غاب عن القمة عشرة زعماء دول من الاثتين وعشرين التي تشكّل الجامعة، رغم أنّ أغلبهم لم يحضر لأسباب أخرى وليس بسبب غضبه من سوريا. وفي غياب حلفاء الولايات المتحدة، اتخذ اليوم الأول طابعا منتقدا لإسرائيل. واتهم الأسد إسرائيل بارتكاب "مجازر" ضدّ الفلسطينيين زيادة على رفض جهود السلام. وحذّر من أنه ربما يتعين على العرب أن يختاروا بدائل أخرى لخطة السلام العربية التي وافقوا عليها في قمة 2002، إذا استمرت إسرائيل في رفضها للقبول بها. أما الأمين العام للجامعة عمرو موسى فقد اقترح أن يجتمع وزراء الخارجية العرب في أواسط العام لتقييم مسيرة السلام بين العرب وإسرائيل، محذّرا من أنّه في حال لم يتفقوا على كونها شهدت تقدما، فإنّه سيتعين عليهم "اتخاذ مواقف صعبة." ثم تطرق إلى مجموعة كبيرة من الأمور، لعل أهمها ما وصفه بأنه "أزمة ثقة فيما بيننا (الدول العربية فيما بينها.)" وقال إن الغيوم تلبد سماء المنطقة، وأن قمة دمشق مناسبة لتضميد الجراح في الجسد العربي. عرض السلام العربي غير مقبول وأن الاعتدال غير مفيد؟ هذا جائز." وألمح موسى إلى أن الدول العربية قد تتخذ موقفاً مختلفاً بشأن عملية السلام، على أن يكون ذلك في منتصف العام 2008، مشيراً إلى أن العرب سينتظرون إلى سيؤول إليه "وعد بوش" بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. وشدد عمرو موسى على أن صحة العراق تنبع من المحافظة على هوية العراق، بأطيافه المختلفة، وأن عروبة العراق خط أحمر. كما تطرق إلى أزمة دارفور في السودان وضرورة تجاوز محاولة خلق أزمة بين العرب والأفارقة. وتناول كذلك التطورات الأخيرة في الصومال وجزر القمر. ورغم تجاهل الرئيس السوري للدور السعودي والعاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بصفته رئيساً للدورة السابقة، فقد قدم موسى شكره له. يشار أن بشار الأسد افتتح القمة العربية دون أن يتسلمها رئاستها رسمياً من السعودية، فيما يوصف بأنه خرق للأعراف البروتوكولية. أما الزعيم الليبي معمر القذافي فقد حذّر من أنّه "لا مكان" للعرب في العالم الجديد.. ما لم يتوحدوا، وطالب بوحدتهم. وأشار القذافي في كلمته إلى أن وضع العرب صعب جداً ومخيف.. وأن مستقبلهم عليه علامة استفهام كبيرة جداً." وحول الخلاف بين فتح وحماس، طالب القذافي بأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية المظلة الكبرى التي تضم في ثناياها كل الحركات والتنظيمات الفلسطينية، وذلك على غرار "الحركة الصهيونية" على حد قوله، التي كانت مظلة لكل اليهود. وقال القذافي إن على إسرائيل إذا رغبت في السلام أن تقبل بدولة واحدة، و"إذا رفضت فلتكن الحرب!" وفي تعقيبه على موضوع جزر أبو موسى وطنب الصغرى والكبرى، قال القذافي إنه "لا داعي لخوض خلافات مع إيران" أو أن "تكون إيران أو تركيا عدوة لنا" داعياً إلى حل الخلاف في إطار القضاء الدولي. |