لندن تعترف بفشل إحلال السلام في العراق وتضع قواتها في حال تأهب اعترفت الحكومة البريطانية أمس للمرة الأولى بأن جميع المحاولات للسلام في العراق قد فشلت وذلك وسط ترقب حذر على الساحة البريطانية لاحتمال إعادة نشر القوات البريطانية مجدداً في جنوب العراق، على ضوء التطورات الأمنية الحاصلة في منطقة البصرة بالتحديد. فيما نقلت صحيفة «الغارديان» أمس عن مصادر في وزارة الدفاع في لندن أن القوات البريطانية في قاعدة مطار البصرة وضعت في حال تأهب قصوى من أجل تقديم ما سمته «مساعدات جوية» من دون توضيح لنوعية هذه المساعدات. إلا أن مصدراً عسكرياً أبلغ الصحيفة أن «طائرات تجسس بريطانية وأميركية تعمل في جنوب العراق، وأن طائرات التورينادو التابعة للقوات البريطانية تحلق باستمرار فوق جنوب العراق، لكنها لن تتدخل في قصف أي مواقع على الأرض». أما اعتراف الحكومة بفشل مساعي السلام في العراق فجاء على لسان وزير الخارجية ديفيد ميليباند الذي كان يتحدث في جلسة لمجلس العموم البريطاني أمس جرت فيها مناقشة اقتراح تقدم به عدد من النواب من أجل إجراء تحقيق رسمي في الظروف التي اتُخذ بها قرار الحكومة بالذهاب إلى الحرب على العراق في عام 2003. وقال ميليباند «حقيقة أساسية» هي أن ما جرى عقب الغزو الأميركي البريطاني للعراق لم يكن وفقاً للخطط الموضوعة للحرب. وأضاف «يبدو واضحاً كلياً أن الحرب ذاتها سارت على نحو أفضل من المتوقع، لكن عملية تحقيق السلام سارت باتجاه أسوأ مما توقعه الناس. هذه هي الحقيقة الأساسية وينبغي بنا جميعاً الاعتراف بها». وألقت المعارضة المتمثلة بحزبي المحافظين والليبرالي الديموقراطي بثقلها خلف اقتراح إجراء التحقيق في البرلمان أمس. وقال ويليام هيغ، وزير خارجية حكومة الظل، ان الحكومة البريطانية يجب أن تتحلى بالجرأة التي تحلت بها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش عندما شكلت لجنة تحقيق برئاسة السناتور جيمس بيكر، ودعا لتشكيل لجنة تحقيق بريطانية شبيهة. وكان رئيس الوزراء غوردون براون وعد بإجراء تحقيق في ظروف اتخاذ قرار المشاركة في الحرب على العراق، إلا أنه قال ان مثل هذا التحقيق لا يمكن إجراؤه طالما أن القوات البريطانية ما زالت موجودة على الأرض في العراق. وكرر ميليباند أمس هذا الموقف على مسمع النواب. وفي التصويت الذي جرى بعد انتهاء النقاش أسقط المجلس اقتراح إجراء التحقيق، حيث صوّت 299 نائباً إلى جانب الحكومة ضد الاقتراح فيما صوّت معه 271 نائباً. وكان براون أمر بتقليص عدد الجنود البريطانيين في العراق إلى 5000 آلاف جندي وانسحاب القوات البريطانية من جنوب العراق والتجمع في قاعدة واحدة قرب مطار البصرة. إلا أن هذا القرار واجه انتقادات عديدة داخل بريطانيا وخارجها، وتوقع البعض أن تعيد بريطانيا نشر قواتها في جنوب العراق على ضوء تدهور الوضع الأمني في تلك المنطقة. ووفقاً لمصادر سياسية بريطانية تنظر حكومة براون باهتمام شديد إلى المعركة الدائرة حالياً في البصرة لمراقبة مدى قدرة الجيش العراقي على دحر المليشيات المتمردة المدعومة من إيران وفرض سيطرة حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على جنوب العراق. وكانت القوات البريطانية ساهمت في شكل أساسي إلى جانب القوات الأميركية في إعادة بناء الجيش العراقي وتسليحه وتدريبه، وينظر إلى المعركة الحالية في البصرة على أنها امتحان جدي للجيش الجديد. ويخشى البريطانيون من فشل الحملة العسكرية العراقية على المليشيات في البصرة، وأن يؤدي مثل هذا الفشل إلى اضطرارهم للتدخل وإعادة الانتشار في جنوب العراق من جديد. وتتابع لندن بالتفصيل تطورات الحملة التي يقوم بها الجيش العراقي والتي رمى نوري المالكي بثقله خلفها، بدليل أنه حضر شخصياً لمتابعتها من مكان سري داخل قاعدة عسكرية قرب البصرة. إذ انه من أجل فرض سيطرة الحكومة دفع المالكي بالجيش العراقي في هذه الحملة لضرب المليشيات المسلحة كلها، وليس فقط مليشيا جيش المهدي التابعة لمقتدى الصدر، بل المليشيات الأخرى التابعة لحلفائه في الحكومة مثل قوات بدر ومليشيا حزب الفضيلة. *الراي العام الكويتية |