السبت, 19-أبريل-2025 الساعة: 07:32 ص - آخر تحديث: 01:01 ص (01: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
الذكرى العاشرة للعدوان.. والإسناد اليمني لغزة
قاسم محمد لبوزة*
اليمن قَلَبَ الموازين ويغيّر المعادلات
غازي أحمد علي محسن*
عبدالعزيز عبدالغني.. الأستاذ النبيل والإنسان البسيط
جابر عبدالله غالب الوهباني*
حرب اليمن والقصة الحقيقية لهروب الرئيس عبدربه منصور هادي الى السعودية
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
البروفيسور بن حبتور... الحقيقة في زمن الضباب
عبدالقادر بجاش الحيدري
في ذكرى الاستقلال
إياد فاضل*
نوفمبر.. إرادة شعبٍ لا يُقهَر
أحلام البريهي*
فرحة عيد الاستقلال.. وحزن الحاضر
د. أبو بكر القربي
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
قضايا وآراء
المؤتمر نت - خور المكلا
جودت فخر الدين -
حل وترحال ... المدينة البيضاء
إنها المكلا، عاصمة حضرموت. كان وصولنا إليها في الصباح، جئنا بالطائرة من صنعاء. وما ان أقلَّتنا السيارة حتى انكشف أمامنا الامتداد الطويل لهذه المدينة الساحلية، قال رفيقاي في الرحلة، شوقي عبدالأمير وعبدالسلام منصور: إن المكلا قد تمدّدت كثيراً، وإن الأبنية الجديدة راحت تهدِّدُ طابعها التراثي. هما يعرفانها من قبل، ولم يعجبهما أن تنمو على نحو عشوائي، وراحا يعِدانني برؤية المكلا القديمة التي كنّا سنبلغها بعد قليل.

قبل وصولنا إلى المدينة الأصلية، مررنا بما يشبه النهر الذي أقيمت عليه الجسور الحديثة. قال لي رفيقاي: إنه “الخور”، أي إنه لسانٌ بحْريٌّ في داخل المدينة. وقالا: إنه كان قديماً مكبّاً للنفايات. إذن، تطورت المدينة. وها هي المقاهي والأرصفة على ضفّتي الخور، إنها معدّةٌ لمتنزهي المساء. ما هي إلا دقائق، حتى انكشفت لنا المدينة القديمة، انكشفت لنا بيضاء.. بيضاء بيوتها المبنية بالطين، والمدهونة باللون الأبيض، محشورة بين الجبال والبحر. تلك الجبال ذات اللون البني، تقف عالية جرداء على مقربة من الساحل. تستند إليها البيوت، ثم تنظر إلى المياه الزرقاء ببياضها المشرق، وكأنها تتأمل في البعيد، على نحوٍ هادئ حالم.

قلت لرفيقي في الرحلة: هذه هي المفاجأة الأولى في زيارتنا لحضرموت، التي سنذهب إلى واديها في اليوم التالي. لم أكنْ أتوقّع أن أرى مثل هذه المدينة. إنها من أجمل المدن التي رأيتها في اليمن، البلد الذي زرته مراراً، وتجوَّلت في أنحائه، وكنت دائماً أمَنّي النفس باستكمال معرفتي به عند زيارتي لحضرموت. جئتُ مفعماً بالأفكار والأماني والتصوُّرات والرؤى. ولكنني، مع ذلك، فوجئت بما رأيت. كان بياض المدينة القديمة مُشِعّاً على نحو باهر. وكان منظر الميناء المليء بمراكب الصيد يرمز إلى العراقة التاريخية لهذه المدينة، التي لاحت لي منهكة من طول ما سافرت في الماضي، ومن طول ما انتظرت في الحاضر، ومن طول ما تطلعت إلى الآفاق البعيدة. المباني والشوارع منظّمةٌ على نحو لم أر مثله في مدن اليمن التي عرفتُها. الشوارع التي تتفرَّع من الأتوستراد الساحلي في اتجاه المدينة تتلوّى بين البيوت لتنتهي عند سفوح الجبال. لم يُعكِّر صفاء هذا المشهد التراثي الجميل سوى بيوت قليلة من طراز مختلف في البناء، إنه الطراز الصنعاني الذي أخذ يغزو المكلا، والتي يعمل القيمون على شؤون العمران أن يحدّوا من تأثيره في المدينة القديمة، وأن يجعلوا هذا التأثير محصوراً في الامتدادات المستجدة على طول الشاطئ.

استرحنا قليلاً في فندق جميل على الشاطئ، ثم انطلقنا للقيام بجولة في المدينة القديمة، إنه سوق النساء في قلب المدينة. مشينا في طرقات ضيقة مكتظة بالمتسوِّقين، بل بالمتسوِّقات من النساء المتشحات بالسواد. أحدُ أصحابنا اليمنيين شرح لنا قائلاً “هذه السوق سُمِّيت “سوق النساء” لا لأن النساء يُبَعْنَ فيها، وإنما هي للنساء كي يجئن إليها للتسوُّق، للبيع والشراء. قالها شارحاً ومازحاً في الوقت نفسه. وفعلاً رأينا نسوة يبِعْن العطور والبخور والعسل.. وغير ذلك. كما رأينا السواد النسائي طاغياً على السوق كلِّها، وبازدحام غير اعتيادي كما قيل لنا، وذلك لأننا كنّا على بُعْد يومين من عيد الأضحى المبارك.

في قلب السوق، قادنا أصحابنا اليمنيون إلى مكتبة عامة تسمّى “المكتبة السلطانية”. رجلٌ مُسِن يُشرف على هذه المكتبة شرح لنا كيفية ترتيب الكتب الموجودة فيها، وأطلعنا على سِجِلّ بهذه الكتب. كان هنالك بعض الزوار الذين يأتون للمطالعة. وقيل لنا إن الزوار يرتادون هذه المكتبة على نحو مستمر.

بعد ذلك انتقلنا إلى زيارة متحفٍ كان قصراً للسلطان، سلطان الدولة “القعيطية”، التي قضت عليها الثورة في جنوب اليمن، قبل حوالي أربعة عقود. في محتويات المتحف، التي هي قليلة نوعاً ما، رأينا شواهد على حضارات قديمة تعاقبت على أرض اليمن، ثم جلسنا قليلاً في مجلس السلطان القعيطي، الذي لا يزال أثاثه كما كان. ورأينا كذلك كرسي السلطان، الذي كان يجلس عليه لاستقبال زواره في المناسبات العامة.

اقترب المساء، وراحت ظلاله ترسم في عيوننا غروباً استثنائياً، ونحن ننظر من المكلا في اتجاه الأفق المتهالك على المياه. بعد اختفاء الشمس، راحت الأضواء تتلألأ، لتظهر امتداداً للمدينة، طويلاً طويلاً على ساحل المحيط الهندي. أما بياض البيوت فقد استخفى كلؤلؤ مكنونٍ في صدف الليل.
* الخليج









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2025