هذا هو نهجنا تتفق الأحزاب والتنظيمات السياسية أينما كانت على أن أهم مقاييس نمو وتقدم أي قوة سياسية مرهون بقدرتها على تجديد أدوات عملها، وتحديث برامجها، وتقييم حراكها الوطني بموضوعية، ومصداقية، تتيح لها فرصة استخلاص التجارب، وتعزيز إرادة الإنجاز، باعتبار أن تلك المعايير هي التي تضمن عدم تخلف القوى السياسية عن قواعدها الشعبية والثقافة الجماهيرية المتجددة. وعلى هذا الأساس يمكن تفسير الصدى الكبير الذي حظي به المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام، سواءً من خلال تفاعل السياحة الداخلية أو الخارجية التي وقفت مبهورة بالأسلوب الذي جسد به المؤتمر نموذجاً راقياً من الوعي السياسي بمقتضيات الوضع الراهن، وآليات تنمية الديمقراطية، وترجمتها الى سلوك يمارسه أعضاء المؤتمر ابتداءً من أصغر التكوينات التنظيمية وحتى أعلى تكوين قيادي فيه والذي جعل الامتثال الى حكم صناديق الاقتراع هو أساس الثقة في توزيع المسئوليات الوطنية، ومراكز صنع القرار. ولا شك أن الأهمية الأكبر التي ترجمها المؤتمر العام السابع ليست فقط في التجسيد العملي للنهج الديمقراطي داخلياً، بل في النتائج المتبلورة عن الممارسة الديمقراطية من خلال التجديد الذي أحدثته، والدماء الجديدة التي أضافتها الى الأمانة العامة للمؤتمر، واللجنة العامة عبر حراك تنافسي شريف مارس فيه الجميع حق الترشيح، والدعاية الانتخابية، وكان الحكم الأخير لصناديق الاقتراع، ولعل الحماس الذي شارك به عدد كبير من المرشحات الى عضوية اللجنة العامة أكد أيضاً مستوى وعي المرأة اليمنية بحقوقها السياسية ومسئولياتها التي يجب أن تمارسها من خلال المؤتمر الشعبي العام، فتتبنى من خلال مهمة الدفع بالنساء الى المشاركة في الحياة السياسية والعامة. إن هذه المحطة من مسيرة المؤتمر سجلت منعطفاً تاريخياً في تجربة العمل الوطني، كونها بلورت النموذج القدوة لبقية القوى السياسية في أهمية ممارسة الديمقراطية داخل التنظيم قبل حملها كشعار للاستهلاك الجماهيري، علاوة على أن الشفافية والوضوح التي سادت أجواء مناقشة الهموم الوطنية، وما رافق ذلك من صراحة متناهية، وجرأة في الطرح أثبتت قوة الإرادة الشعبية التي يمثلها أعضاء المؤتمر، ويدافعون بها عن مصالح الجماهير، ويتطلعون من خلال تداولها في المؤتمر العام السابع الى كسب المزيد من الإنجاز والعطاء لأبناء شعبهم، وهي بكل تأكيد تجسد روح التفاني والاخلاص لليمن وشعبها، والتي قلما نجدها في تنظيمات أخرى. وفي الحقيقة- كان وقوف المؤتمر في محطة المؤتمر العام السابع ضرورة ملحة في ضوء المسئوليات المضنية التي تحملها منذ انعقاد مؤتمره العام السادس 2003م. سواءً فيما يتعلق منها بالإصلاحات الاقتصادية، أو تسريع العجلة التنموية، وتعزيز الممارسة الديمقراطية، وتوسيع الحريات، فضلاً عن التحديات الأمنية التي مثلتها حركة التمرد في «مرّان والرزايم»، والتي استدعت تضحيات كبيرة لإخمادها، علاوة على الإنجازات الهائلة التي تحققت خلال تلك الفترة، وضرورة الانطلاق بمرحلة جديدة، ومتقدمة من برامج العمل الوطني التي يعمل خلالها المؤتمر على حماية مكتسبات الثورة ومنجزاتها من الفساد والعبث. هكذا جدد المؤتمر العام السابع مرحلة البناء والتحديث برؤى سياسية مسئولة تضع نصب أعينها مهام تطوير البنى المؤسسية للدولة اليمنية الحديثة، ضمن برنامج شامل من الاصلاحات الجوهرية التي تلبي حاجة الإنسان العصري، وتكفل له مزيداً من الحقوق، والحريات، والعدالة، والأمن، وفرض المعيشة الكريمة، وبما توسع قاعدة الاستثمار التنموي، وتستثمر الجزء الأعظم من الطاقات الشبابية المنتجة، والتي ستعكس أثرها على نسب الفقر، بشكل فاعل بإذن الله. إن الشعار الذي حمله المؤتمر العام السابع هو «معاً من أجل مواصلة مسيرة التطور الديمقراطي والتنموي والاصلاحات واللامركزية التنظيمية» وهو ما يعني أن المؤتمر يؤمن بأن الشراكة الوطنية التي تتضافر بها جهود مختلف القوى الوطنية هي السبيل الأفضل والأصوب لمواصلة مسيرة التطور والبناء في إطار الوحدة الوطنية، وبما يجعل من أحزاب المعارضة شريك سلطة، وقرار- في نفس الوقت الذي يحملها مسئولية القيام بأدوارها في العمل الوطني المثمر الذي يصب لمصلحة الوطن والجماهير، وهو النهج الذي دأب الأخ الرئيس علي عبدالله صالح على تأكيده في أكثر من مناسبة بقوله «المعارضة هي الوجه الآخر للسلطة»! فالديمقراطية هي النهج الذي قام على أساسه المؤتمر الشعبي العام، وتحمل مسئولية إنمائها، وتطوير تجاربها، وتوسيع ممارساتها لتصبح عنوان المسيرة التنموية، وصمام أمان الوحدة اليمنية، وبوابة الانفتاح على العالم، ومد الجسور مع بلدانه وشعوبه في إطار شراكة سلام وتنمية، ولا يمكن للديمقراطية أن تتحول الى مشروع افتتان، وبلبلة، ومصدر قلق للأمن والاستقرار والوحدة الوطنية على غرار ما يفهمها البعض، ويحاول فرضها على تلك الصورة البشعةَ إذن محطة المؤتمر العام السابع لم تكن ممارسة تقليد حزبي بعقد مؤتمر عام، بل أنها تمثل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة نحو الأمام، ومن المؤكد أن ذلك لا يمكن أن يتحقق بالقرارات، والبيانات التي تمخض عنها المؤتمر العام السابع وحسب، بل بآليات تم تفصيلها بوضوح لتكون دليل العمل الوطني للحكومة والتنظيم على حد سواء باعتبار المسئولية الجماهيرية المناطة بهما من خلال ثقة القواعد الشعبية الممنوحة للمؤتمر عبر صناديق الاقتراع. إن النهج الديمقراطي الذي سار عليه المؤتمر الشعبي العام منذ تأسيسه عام 1982م وحتى اليوم بما جسدته ممارسات المؤتمر العام السابع يجعل من المؤتمر مدرسة لبقية الأحزاب، يجب أن تستقي منها أسلوب تطويرها لتنظيماتها، وعلاقاتها الداخلية، وتحديثها لهياكلها القيادية المختلفة، وهو الأمر الذي سيجعلها أكثر ديمقراطية مع الآخرين، وأقوى رغبة في تجاذب الحوار معه، ومشاركته مسئوليات البناء والاصلاحات. أما أن تحاول بعض القوى الانتقاص من تلك الممارسة الديمقراطية الرائدة التي ترجمها المؤتمر العام السابع، أو التشويش على قراراتها التي تضمنها البيان الختامي، فلا شك أن الجميع سيدرك في الحال أنه ليس إلا هروباً من الديمقراطية، وتنصلاً من الشراكة الوطنية، ومسئوليات الاصلاحات الحقيقية التي يرجوها كل الشرفاء من أبناء يمننا الحبيب.. يمن الوحدة والديمقراطية! |