|
هل يحل الإنترنت محل الشاشة التليفزيونية سيوفر لك تلفزيون المستقبل التسلية حسب الطلب، وقتما وأينما شئت. وسيتفوق بمراحل على جهاز التيفو TiVo الذي لا يسمح لك إلا بتسجيل أو برمجة ما تقدمه لك شركة الكابل أو القمر الصناعي التي تشترك فيها، كما سيطغى على جهاز الآيبود الجديد الذي أنتجته شركة آبل الذي يسمح بتسجيل صور الفيديو video iPod، فمن ذا الذي سيشاهد عملاً درامياً طوله ساعة على شاشة مساحتها 2.5 بوصة على أية حال؟ بل سيكون تلفزيون المستقبل أعظم بكثير، حتى من جهاز آد ad الذي سبق أن أنتجته شركة كويز Qwes في نهايات تسعينيات القرن العشرين، حيث سيمكن لكاتب الفندق أن يخبر المسافر الذي ينزل بفندقه بأنه يستطيع أن يشاهد (أي فيلم أنتجته السينما حتى الآن، بجميع اللغات، وفي أي وقتٍ، ليلاً أو نهاراً) وهو مستريح في غرفته. لن يمكنك فقط مشاهدة جميع الأفلام، بل ستشاهد أيضا جميع البرامج التلفزيونية، والعروض الإخبارية، والأفلام التسجيلية، والأغاني المسجلة بالفيديو، ومواد الفيديو المبثوثة على سجلات البلوج blog، وسيمكنك تشغيلها كلها أينما ذهبت. عظيم، ستفكر في أنه على الرغم من وجود آلاف القنوات التلفزيونية وما تتيحه من ملايين الاختيارات إلا أنك لا تجد ما يستحق المشاهدة. لكن مصيرنا هو مشاهدة (التلفزيون بطريقة غير خطية)، أي مشاهدته حسب الجدول الذي يناسبنا وليس حسب الجدول الذي يضعه لنا العاملون في البث التلفزيوني. لكن تلك الثورة لن تتحول إلى مادة تلفزيونية إلى أن تجد الشركات التي تبث موادها إلى منازلنا وسيلة للتحكم فيها. أما أفضل النصائح في الوقت الحالي فهي: أدرس ما فعلته صناعة الموسيقى وأفعل عكسها بالضبط. ما يراه مديرو هوليوود وشركات بث الأفلام عبر الكابلات أن العمليات الصناعية لشركات التسجيلات في تدهور. أما ما كان يجب أن يروه فهو أنها أعمال فشلت لمدة طويلة في تزويد عملائها بما يريدونه: القدرة على التنقل بالأجهزة، والبحث عما يرغبونه، وفرصة أن يشتري المرء الأغنيتين اللتين يحبهما دون أن يشتري معهما 10 أغنيات لا تعجبه. ولخوف الشركات من عمليات القرصنة، تلكأت في توفير وسائل التحميل الرقمية، وبذا، فعل عملاؤهم هذا بأنفسهم من خلال مواقع نابستر Napster وكازا Kazaa وما شابه. وبدلاً من أن تطرح شركات صناعة التسجيلات بديلاً قانونياً مجزياً، أقامت عدة دعاوٍ مربكة ضد عملائها، واستمرت في اتهام عمليات القرصنة بالتسبب في هبوط مبيعاتها من أسطوانات السي دي. في هذه الأثناء، باع متجر شركة آبل لموسيقى الآي تونز نصف بليون أغنية منذ إبريل 2003. وعندما يتمكن المستخدمون من تحميل الأغنيات التي تعجبهم فقط مقابل 99 سنتاً للواحدة، فإن النموذج التقليدي لصناعة التسجيلات سرعان ما سيعفى عليه الزمن. والسبب في وجود فرق بين استخدام هوليوود وبيزنس التلفزيون لتلك التقنية واستخدام صناعة الموسيقى لها هو سرعة توصيلة الإنترنت. فبينما يستغرق تحميل ملف من ملفات الموسيقى المعتادة بتوصيلة إنترنت سريعة دقيقة أو اثنتين، يمكن أن يستغرق تحميل فيلم سينمائي طويل عدة ساعات. من هنا، لم يكن هناك طلب كثير على تحميل فيلم شريك مثلاً، خاصة مع ظهور جهاز التيفو ومختلف أنظمة التسجيل الرقمية التي توفرها شركات نقل الأفلام عبر الكابلات. لكن هذا الوضع بدأ يتغير مع ظهور نظام التوزيع من زميل إلى زميل المعروف باسم بيت تورينت BitTorrent. فما أن تنزل برنامج بيت تورينت حتى يمكنك أن تأخذ ملفات من المستخدمين الذين يمتلكون المواد التي تريدها على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. ومع خدمات تبادل الأغاني بين الرفاق، يكون تحميلها أسرع بكثير من تحميلها، مما يخلق ازدحاماً يعطل الاتصالات الرقمية عندما يتبادل المستخدمون نفس الملف. وبينما لا تحدث مشكلات صعبة عندما يتبادل المستخدمون الأغاني، تحدث تلك المشكلات عندما يتبادلون ملفات ضخمة جداً مثل الأفلام والتمثيليات التلفزيونية. أما برنامج بيت تورينت فيلتف حول عنق الزجاجة الذي تمثله هذه المشكلة المتأصلة في هذا النظام، بأن يسمح لك بأخذ أجزاء صغيرة من الفيلم من عددٍ أكبر من الناس. وكلما زادت شعبية الحلقة، يزيد عدد من يحفظونها على محركات الأقراص بالأجهزة الخاصة بهم، وتزيد سرعة تحميلها. إن هذا ليس أمراً قانونياً الآن بالطبع. لكنه أيضاً ليس خارجاً عن القانون، حيث إن لبرنامج بيت تورينت أغراضاً مبررة قانوناً، إذ يمكنك تبادل أي ملف باستخدام بروتوكول البيت تورينت، وليس فقط الأفلام المحمية بحق الملكية الفكرية. وربما تجد شركة الصور المتحركة الأمريكية (ذا موشون بيكتشار آسوشياشان أوف أمريكا) وشبكات التلفزيون صعوبة في مقاضاة هذا البرنامج على نفس الأسس التي قاضت بها صناعة الموسيقى موقع نابستر Nap ster. وحتى لو لم يتحمل برام كوهين، مخترع برنامج بيت تورينت ذلك، فإن كتلة شركات الميديا ستنشئ شبكة من أجهزة الكمبيوتر الخادمة التي يمكنها أن تمسك بزمام جميع عمليات البرمجة الخاصة بها وتستخدم برنامج بيت تورينت لتوزيع محتوياتها على المستهلكين بمقابل نقدي. ما الذي سيفعله كوهين؟ أيقاضيهم بتهمة خرق قانون حماية حقوق الملكية؟ وعلى الرغم من أنه من المستحيل استئصال شأفة القرصنة، فقد أوضحت شركة آبل أن الناس سيدفعون مقابل الحصول على الموسيقى إذا توفرت لهم. وما على هوليوود إلا أن تجعل عملية الحصول على الموسيقى أمراً سهلاً ممتعاً وباعثاً على الرضا. من جهة أخرى بدأت العديد من الشبكات في تجربة وضع تمثيلياتهم على الإنترنت. وقبل أن تبرم شركة إيه بي سي مع شركة آبل صفقة بيع مسلسل ربات بيوت تائهات ويائسات، كانت شركة MTV قد وضعت بالفعل 8000 أغنية تلفزيونية على الإنترنت. وتحتوي البرامج التي تقدمها شركة MTV والتي يمكن تحميلها بسرعة قصوى MTV Overdrive أيضاً على تنويهات عن برنامج مايطلبه المستمعون على الهواء، ولقطات خارجية ومشاهد تسجيلية من تمثيليات للعرض على الإنترنت فقط. وحصول القناة مؤخراً على خدمة عرض أعمال الفيديو على الإنترنت (e-film) تعني على الأرجح أنها ستضيف المزيد إلى محتوياتها في الشهور المقبلة. وكل هذا مجاناً، يدفع تكلفته المعلنون مثل شركتي تويوتا وبروكتر آند جامبل. (لكن جاذبية هذه الخدمة قد هبطت بعض الشيء، لأنها لا تمكنك من التنقل بين القنوات هرباً من الإعلانات كما تفعل مع التلفزيون العادي). إن جمهور البرامج التي تقدمها شركة MTVوالتي يمكن تحميلها بسرعة قصوى ليس ضخماً، على الرغم من أن المتحدث باسم شركة MTV صرح بأن إجمالي من ضبطوا أجهزتهم لاستقبال النسخة التلفزيونية من (شاطئ لاجونا) يبلغ عددهم حوالي 73 مليون مشاهد، مقابل 6.3 مليون شخص شاهدوا النسخة المبرمجة على الإنترنت. وأستطيع أن أقول إن عدداً لا بأس به ممن جربوا استخدام البرامج التي يمكن تحميلها بسرعة قصوى لم يكرروا زيارة موقعها. المشكلة الكبرى هي جودة الصورة المعروضة. فالفيديو الذي يمكننا مشاهدته مباشرة من موقعه على الإنترنت دون أن نضطر لتحميله على أجهزتنا أولاً، ببطئه، وقفزاته، وانقطاع الاتصال عنه، ليس مستعداً للبث في أفضل ساعات الإرسال. وحتى يتمكن من تقديم ما يثبت إمكان الاعتماد على كابلاته التماثلية والرقمية فلن يعتبر إلا شقيقة ضعيفة. كما أن الشبكات ليست مضطرة لتوزيع النسخ المبرمجة للعرض على الإنترنت من خلال الفيديو الذي يمكننا مشاهدته مباشرة من موقعه على الإنترنت دون أن نضطر لتحميله على أجهزتنا أولا، لكنّ مشاهدي التلفزيون لا يشاهدون معظم ما يعرضه في وقته الواقعي. فهم يرون الأعمال التلفزيونية بعد أن يتم تصويرها وتوليفها. أما المادة الوحيدة التي ينبغي مشاهدتها بالضرورة وقت وقوعها هي نشرات الأخبار الجديدة والمباريات الرياضية. فالناس يمكن أن يتحملوا سوء الصورة إذا كانت الأخبار مهمة لهم. أما بالنسبة لباقي المواد، فيجب أن تنسى هوليوود وبيزنيس التلفزيون أمر الفيديو الذي يمكننا مشاهدته مباشرة من موقعه على الإنترنت دون أن نضطر لتحميله على أجهزتنا أولاً، كما أن عليها أن توفر فرصاً لتحميل نسخ رقمية من الأفلام والتمثيلات التلفزيونية، وإلا سيجد المستهلكون طريقة للحصول عليها دون دفع أموال مقابلها، وحينئذ ستأسف هوليوود وبيزنس والتلفزيون على ما أتت أيديهم. * الجزيرة السعودية |