السبت, 19-أبريل-2025 الساعة: 05:48 ص - آخر تحديث: 01:01 ص (01: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
الذكرى العاشرة للعدوان.. والإسناد اليمني لغزة
قاسم محمد لبوزة*
اليمن قَلَبَ الموازين ويغيّر المعادلات
غازي أحمد علي محسن*
عبدالعزيز عبدالغني.. الأستاذ النبيل والإنسان البسيط
جابر عبدالله غالب الوهباني*
حرب اليمن والقصة الحقيقية لهروب الرئيس عبدربه منصور هادي الى السعودية
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
البروفيسور بن حبتور... الحقيقة في زمن الضباب
عبدالقادر بجاش الحيدري
في ذكرى الاستقلال
إياد فاضل*
نوفمبر.. إرادة شعبٍ لا يُقهَر
أحلام البريهي*
فرحة عيد الاستقلال.. وحزن الحاضر
د. أبو بكر القربي
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
ثقافة
محمد صالح الحاضري -
البردوني مناضلاً
كانت الطبقة المتوسطة اليمنية تحتوي على معظم المثقفين من الأدباء والقضاة والعلماء والمدرسين و الضباط ورجال الأعمال، واستطاعت هذه الشريحة أن تطور اللغة أو اللهجة المستعملة بين أفرادها لتكون مزيجاً من اللغة العربية الفصحى واللغة العامية، ومزيجاً من لهجات الطبقة العليا- الحكام وكبار التجار- ولهجة أو لهجات الجماهير الشعبية كون هذا التحليل ينطبق على سائر أجزاء الطبقة الوسطى على مستوى اليمن بلهجاتها ومناطقها المتعددة التي تبلغ الذروة في مدينة عدن.
يومها كان الأدباء ورجال التربية والتعليم وضباط الحربية وأصحاب المحلات التجارية في الأسواق التقليدية وقضاة الاستئناف والمحاكم القضائية يتحدثون بمفردات أكثر أناقة، وموسيقى أكثر عذوبة حتى أنه سبق القول في فترة الاحتلال التركي قبل 1918م أن الأتراك قد عطلوا التطور الثقافي بالرطانة التي شوشت على مجالس صنعاء المعروفة بمناقشات العلماء ومجادلات المثقفين في المنطق والفلسفة والفقه واللغة والأدب.
ولقد أدهشتني اللغة الفلسفية لأحرار 1918م وولعهم بسقراط وفلاسفة أثينا وأثار اهتمامي ولع الأستاذ زيد الموشكي بالشيخ جمال الدين الأفغاني ومقابلته للشيخ عبدالله الحكيمي التي كانت مقابلة بين الاعتزال والتصوف.
وعندما سافر الأستاذ عبدالله البردوني إلى ليبيا مع وفد الأسبوع الثقافي اليمني أثير هذا الموضوع في الطائرة فعلق على موضوع لهجة المثقفين بالقول إنها تمثل نوعاً من الفصعامية (أي الفصحى العامية) وهو مزج ارتجله الأستاذ للإعراب عن الحقيقة المتعلقة باللهجة الرائجة في أوساط المثقفين اليمنيين.
وبالنسبة لي فإن هذا الموضوع مناسب للحديث عن جيل الرواد الذين أنجبتهم القيم الثقافية الراقية بحيث لا يمكن تكرار مثل هذا الجيل دون وجود هذه القيم والثقافة، من هؤلاء الرواد الأستاذ عبدالله البردوني.
فالبردوني كان مناضلاً قوي الموقف غزير الثقافة السياسية والأدبية والتاريخية ولم يختلف عن الزبيري والنعمان إلا في الانعكاسات القسرية للظروف الخاصة التي كانت مساعدة لهما ومع ذلك فإن مناضلي الداخل غالبا ما يعانون بصورة أشد وليس مناضلوا الخارج سوى عناصر اختارت هذا المسار لتخفيف درجة الألم وتوفير فرصاً أوسع للتحرك والتأثير.

فهل قصائد البردوني أول الثورة بالشيء القليل وهل مواقفه المستمرة دفاعاً عن القضايا الوطنية هي أقل مما قدمه الآخرون.
كلا فالبردوني قد خلق جانباً من ثقافة الجيل وأسهم في تخصيب دائرة الوعي في صفوف أوسع من الجماهير، وهو برحيله سيترك فراغاً كبيراً ربما لا تملؤه سوى الإفرازات المحتملة للجيل الذي تأثر به وبمدرسة الأحرار اليمنيين التي هي مدرسة الشعب والدين والثورة ومدرسة الثقافة الوطنية. وعلى مستوى اليمن كلها لم يحض رجل بالإجماع كالذي حظي به البردوني في حياته وليس بعد مماته فقط.
ولا شك أن غيابه قد كشف الهزيمة التي تتعرض لها القيم الوطنية والإنسانية ومعها المعايير العادلة في التقييم الاجتماعي كونه لم يحظ بالتعازي على صفحات الجرائد الرسمية بنفس طريقة التعزية لوجاهات المرحلة بوجهيها التقليدي والطفيلي بعد أن أصبحت القيمة للمال والنفوذ على حساب الثقافة والعلم والرجولة كقيم رئيسية سيؤدي غيابها إلى تدمير أهم شروط التطور المتاحة، لكنه حظي بما هو أعظم حين كرمته النخبة والفقراء والأوساط الدولية والعربية.
فالبردوني كان حلو الابتسامة رقيق اللفظ عميق التفكير وكان زاهداً شامل الثقافة، اجتماعي الخط قوي النزعة الإنسانية وكان استثنائيا في حجمه. الأمر الذي جعل عمالقة الشعر في ملتقى أبي تمام يتسمرون على مقاعدهم بعد أن شاهدوا نهوضه كأبي العلاء المعري وقامته كأبي تمام والمتنبي.شاهدوا الحالة التاريخية في وجهه وحاضر الأمة في عينيه ومستقبلها في قصائده.
أما في الداخل فقد تحول إلى جزء من الثروة القومية وعلامة دالة على الكبرياء الوطني في وجه التحديات، وكان وحدوياً ثوريا صانعا للرأي العام، وأحد مهندسي الخطاب الوطني. تميز بالمسار الثقافي في اندفاعاته السياسية عكس العناصر التي اختارت المسار الطليعي -كامل المواصفات النضالية- وذلك لأن البردوني صاحب معاناة خاصة ناتجة عن عوامل معروفة.
فهل اختار البردوني هذا الطريق لظروفه الخاصة فعلاً أم لاعتبارات أخرى أكثر وجاهة خاصة وهو شجاع وصاحب شخصية قيادية ومناضل كبير لا يختلف عن غيره.










أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2025