الفخراني لـ(المؤتمرنت):نحن أمام عالم متحوِّل ويجب أن نلامس الجرح العربي فنان كبير بحجم الدراما العربية التي يختار نصوصها، بدقة ليعْبُر من خلالها إلى أحلام المجتمع بإنسانيته وتقلباته. له أسلوبه الخاص والمميز في فن التمثيل، وقد أثَّر كثيراً -في الوجدان العربي- بمسلسلاته الناجحة التي تعالج قضايا إنسانية، بإحساس ذاتي، يحقق صدق التجربة الفنية. إنه فنان يجعلك متيقظاً لكل ما هو متحركٌ أمامك. التقاه (المؤتمرنت) في منزله المتواضع في القاهرة فكان هذا الحوار: · الفنان يحيى الفخراني: انتقلت في التعامل من مهنة الطب إلى التعامل مع الروح في مهنة الفن، ما الذي بقي من الطب في التمثيل؟ وماذا بقي من الحنين إلى الطب في الممثل يحيى الفخراني؟ - بالنسبة للحنين في الطب لم يبقَ شيئاً. أريد أن أقول لك إن زوجتي –أيضاً- طبيبة لأني مازلت أعيش أجواء الطب، لكن دون ممارسة، والباقي من الطب هو الإحساس الإنساني بين الطبيب والمر يض. أنت تعرف أن المريض يبقى كتاباً مفتوحاًفي حالة مرضه مثل منهجية التفكير لدى الطبيب إلى حد ما، احتمال هذا الذي بقي لديَّ واحتمال أنني لا أقدر أن أرصد بالضبط الذي بقي. · كل الأدوار التي أديتها لاقت إعجاباً رائعاً من قبل المشاهدين. تُرى ماهو الدور الذي يحلم به الفنان يحيى الفخراني ولم تتوفر له الفرصة لتقمصه؟ وماهو الدور الذي أداه فنان آخر تمنى الفنان يحيى الفخراني أن يؤديه؟ - في الحقيقة لا يوجد أبداً لأني عمري ما فكرت –أنا- نفسي أعمل (كده). أنا أفكر ما الذي يجب أن أفعله، وكيف، وكلما نجح الشخص في عمله تُعرض عليه أعمال أكثر. عليك أن تختار الشيء الذي يريده الناس ويحتاجونه –هي صعبة قليلة. هذه المسألة لكن عليك أن تختبر ذكاءك مع الناس وحاول أن تعرف (هي) تريد ماذا؟ · هل هناك من يرشحك، أو يقدم لك النص في الأعمال التي تقوم بها؟ - (مبتسماً كعادته، ومتأملاً في زوايا المكان): أنا من أختار النص بذاتي، بإحساسي، أطلع على الفكرة والملخص.. · الكاتب الذي أنت مقتنع به وبأفكاره؟ - (ناظراً إلى إحدى صوره المعلقة في الجدران): (في) كثيرين جداً، مثل: أسامة أنور عكاشة، وجلال محمد عبدالقوي، وأسامة غازي، وكل هؤلاء عملت معهم بقناعة تامة وأسامة غازي –يرحمه الله- الذي كتب (أوبرا عايدة) كان لا ينظر إلى الجديد، أو القديم، كان ينظر إلى الفكرة.. يطرحها كيف، ولماذا؟. · نحن أمام عالم متحول ومجتمعاتنا بدأت تفقد أحلامها في خضم الأحداث اللامنطقية في جريانها. ما الذي يستطيع الفن أن يحافظ عليه من أحلام الإنسان العربي، وما الذي يصون هويته؟ - هو أن تقدم للإنسان العربي شيئاً من تقاليده وتراثه وعاداته، وهذا شيء مهم جداً سواء كان قديماً، أو حديثاً. أُنظرْ إلى مسلسل "الليل وآخره"-مثلاً- إنه يعالج التماسك الأسري الذي بدأنا نفقده، كما فقده الغرب، وهذا مهم جداً أن نعود ونذكّر أنفسنا.. · الدراما العربية تمر بفترة تحولات كبيرة مصاحبة للتحولات السياسية والاقتصادية وغيرها من التحولات، ما الذي ستُجديه الدراما العربية في ظل هذه التحولات؟ - دائماً الفن مواكب لما يحدث وهو طالع منه. الفن الدرامي، بالذات التلفزيوني يجب أن يكون نابعاً مما يحدث، لأن الواقع ينعكس على الدراما أحداثاً. مثلاً الاحتلال الأمريكي على العراق يصلح قضيةً درامية تناقش بكل إشكاليتها، ولازم الموضوع الدرامي يلامس الجرح والدم والمعاناة مثلاً الطفل الفلسطيني؛ أليس هذا حدث إنساني. · الكاتب والمؤلف والمخرج والممثل الذي عاصر ما قبل التحولات، هل استطاع أن يتكيف ذهنياً وفنياً مع هذه التحولات من وجهة نظركم؟ - أستطيع أن أقول لك: نعم فقط لازم يهضمها مائة في المائة. إن المواطن العادي متأثرٌ لما يحدث، والإعلام المعاصر، أو المفتوح لم يترك شيئاً إلا ووضح بعض الحقائق، وكَشَفَ الخبث السياسي العربي والعالمي والفنان عليه أن يهضمها بشكل جيد ويكتنزها بشكل أو بآخر؛ ليخرجها درامياً. قبل ذلك لما كانت الفضائيات غير مفتوحة –أميركا كانت تقول نحن بنعمل على تحقيق الديمقراطية والسلام، والناس حينها كانت تصدق ذلك، لكن بعد دخول الإعلام المفتوح أدركوا وعرفو أن السلام هو من وجهة نظر أميركا فقط. · الدراما المصرية.. اتجهت مؤخراً للتعبير عن مضامين وقضايا الطبقة البرجوازية في المجتمع وإهمال سواها.. هل هذا انحياز نفعي لها، أم استغلال لمدى الإبهار والجاذبية لهذه الطبقة باتجاه الطبقات الأخرى؟ - لمَّا يعرض علَيَّ سيناريو في رجل أعمال وفيه بنوك-مثلاً- أرفضه تماماً، لأنه لم يعد يليق بأفكار الناس، ومن ثم هذا شيء تقليدي ومكرر.. · الفنان يحيى الفخراني: ماذا تعني لك الشخصيات الآتية: (جمال عبدالناصر)؟ - متنهداً – زعيم عمل في تغيير المنطقة العربية كلها. · "تشي جيفارا"؟ - زعيم عالمي وإحساسنا إنه زعيم عربي. · مانديلا؟ - مثال جميل للمقاومة · "كارل ماركس"؟ - (صمت- ثم تأمل إحدى اللوحات أمامه ونظر إليَّ) نظرياته حقيقية وجميلة إنسانياً، لكن صعب أن يطبقها الإنسان. · "انطوني كوين"؟ - ممثل عالمي فيه المسحَة الشرقية والعربية وأحبه. · نجيب محفوظ؟ - عشقي الروائي. حين أحتاج أن اقرأ فأنا أقرأ نجيب محفوظ.. (صدقني). شتاء القاهرة 2004م |