المؤتمر نت -
عبده محمد الجندي -
التمديد والتجديد من أين وإلى أين يا معشر الباحثين عن هذا لي وهذا لك؟
لماذا هذا الهيجان الذي قوبل به ادراج تعديلات قانون الانتخابات العامة من قبل الأحزاب التي طالما بحت أصوات قياداتها السياسية وهي تطالب الاغلبية بالتصويت النهائي عليه تمهيداً لإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات؟
الأصل أن هذه الأحزاب الهاربة من الانتخابات التي ترفض اليوم ما طالبت به بالأمس وناضلت من أجله لا تريد من المطالبة بتصويب الصواب سوى اخضاع الطرف الآخر للقبول بمبدأ «هذا لي وهذا لك» أي الوصول الى السلطة بالتقاسم وليس بالتنافس في الدورات الانتخابية النيابية أو الرئاسية أو المحلية.. بعد تجربة خيبت ما لديها من الآمال والتطلعات السياسية الطموحة ولم تنتج سوى سلطة الحزب الحاكم من الأكثرية، إلى الأغلبية المريحة، الى الأغلبية الساحقة..
وأمام تلك الانتصارات المتلاحقة للحزب الحاكم لم تجد أحزاب المشترك ما تخدع به قواعدها الواثقة بالقيادة سوى التشكيك بما هو نافذ من المرجعيات والمنظومات القانونية والآليات المنفذة وفي المقدمة منها قانون الانتخابات واللجنة العليا للانتخابات العامة والاستفتاء الى درجة حيّرت الهيئات والمنظمات الدولية والدول المانحة والداعمة للديمقراطية وجعلتها تبدل ما تكون لها من القناعات بأن التجربة اليمنية أفضل التجارب العربية على الاطلاق وبدت فيها هذه الهيئات والمنظمات والدول المعجبة على مقربة من مطالب المعارضة وبعيدة من الحزب الحاكم لا تؤيده في إجراء العملية الانتخابية وفق القانون النافذ واللجنة القائمة حتى لا تتعرض العملية الانتخابية النيابية إلى التزوير والمغالطة دون أن تدرك بأن حبل الكذب قصير وأن السحر سوف ينقلب على الساحر، إذ قبلت الأغلبية الحاكمة على حين غرة إقرار وبصورة مفاجئة لأحزاب المشترك طرح التعديلات على مجلس النواب وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات المفترى عليها من باب الحرص على إجراء الانتخابات ا لبرلمانية في موعدها في ال27 من ابريل 2011م حيث ستصبح هذه الهيئات والمنظمات والدول الداعمة أكثر قرباً من الحزب الحاكم وما يستوجبه ذلك من الضغط باتجاه المقاربة بين الموقفين ولكن بعد أن تكون أحزاب المشترك قد أكدت بالدليل المادي أن ما تطالب به من اصلاحات انتخابية ليس سوى نوع من التكتيك والمناورة المبنية على فرضيات مسبقة بأن الحزب الحاكم ورئيسه لن يقبلا بها بهذه السهولة وبهذه الطريقة ذات الأساليب الإملائية المستفزة، فيما القبول بها نزولاً عند رغبة هذه الاحزاب المعارضة التي تلوح بسلاح المقاطعة بمثابة ضربة موجعة للذين اعتقدوا فجأة أنهم قد أصبحوا المصدر البديل للشرعية الدستورية وبصورة مفاجئة قلبت الحسابات والمناورات رأساً على عقب الى درجة أذهلت هذه الأحزاب بما سببته لها من الإحراجات الفاضحة أمام الرأي العام المحلي والدولي على نحو دفعها الى الهروب من الساحة البرلمانية والانسحاب من قاعة مجلس النواب في محاولة للاستقواء بلجنة الحوار التابعة لأحزاب المشترك للبحث عن مبررات واهية تتهم الآخر بالعمل على إفشال الحوار الوطني مستغلة بذلك ما اعتقدت أنها قد رسخته من مخاوف لدى الهيئات والمنظمات الدولية والدول الداعمة للديمقراطية على وحدة اليمن وأمنه واستقراره المرتهن بنجاح الحوار الوطني أو الطوفان والكارثة المحققة بعد أن صورته الوسائل الاعلامية الحزبية بشكل عام والمعارضة بشكل خاص أنه يملك الحلول لكافة خيوط الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الكفيلة بوضع النقاط فوق الحروف وحشد كافة ما يمتلكه اليمنيون من الطاقات والإمكانات لمواجهة خطر إرهاب القاعدة الذي يهم أصدقاء اليمن من الدول الشقيقة والدول الصديقة على حد سواء..
أقول ذلك وأقصد به أن اللجوء إلى مثل هذه التبريرات الواهية المتمترسة خلف الحرص الزائف على الحوار والأمن والاستقرار من وجهة نظر الأمين العام للجنة الحوار الوطني بنظرته البعيدة لم يعد مقنعاً ومجدياً في تشكيك الهيئات والمنظمات والدول الداعمة للديمقراطية بمواقف الأغلبية الحاكمة لأن الانتخابات الحرة والنزيهة تضع على المحك المشكلة الحقيقية للهروب من الانتخابات الى المغالطات الحوارية المكشوفة ما لم لا يقبل الاحتكام لصناديق الانتخابات لا يمكن الحفاظ على ما هو بحاجة اليه من المصداقية والثقة الشعبية والدولية، فكانت توجيهاته الصريحة والواضحة لكتلة المشترك بالعودة الى مجلس النواب للتصديق على تعديلات قانون الانتخابات وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه من القانون النافذ واللجنة القائمة باعتبارها الشماعة الوحيدة وصولاً الى الحصول على ما هم بحاجة اليه من التنازلات والمقاسمة بين صاحب الأغلبية وأصحاب الأقلية، أما ما عدا ذلك من المطالب التعجيزية ذات الصلة بالنظام الرئاسي والنظام البرلماني وذات الصلة بالنظام الانتخابي وبالتسوية التاريخية والفيدرالية، فقد كشف الشيخ حميد الأحمر بصورة غير مباشرة أنها غير مجدية وغير مفيدة لأنها تندرج في نطاق ما لدى الاحزاب من برامج انتخابية أو قناعات طوعية لا يمكن لصاحب الاقلية فرضها على صاحب الأغلبية دون اقتناعه طالما وهو قد منح ثقة الهيئة الناخبة وفق ما هو متبع من نظام سياسي ونظام انتخابي مستند الى مرجعية ومنظومة دستورية وقانونية نافذة.. ناهيك عن المطالبة بالفيدرالية أو بالانفصال والشمولية، فمثل هذه المطالب لا تجد قبولاً من الرأي العام المحلي والرأي العام الدولي بأي حال من الاحوال الممكنة والمتاحة، بل وتندرج في نطاق الخيانات الوطنية غير القابلة للتداولات الحوارية الحزبية نظراً لما تنطوي عليه من المخاوف ذات العواقب الكارثية الوخيمة والمردودات السلبية المؤكدة لأنها تمس الحقوق الوطنية للشعب اليمني بكافة تكويناته الاجتماعية والسياسية صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة وفي الوحدة وفي الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الانسان وآلية السوق.. لا يمكن أن تكون دورات ضاغطة على صاحب الاغلبية الحاكمة ولا يمكن أن تكون بديلة لقانون الانتخابات واللجنة العليا كموضوعات حوارية تقررها الاحزاب والتنظيمات السياسية الحاكمة والمعارضة من خلال ما يلوون بها من مؤتمرات وطنية وما ينتج عنها من القرارات غير الملزمة ما لم تعمدها المؤسسات الدستورية حتى الحكم المحلي رغم أهميته سواء كان واسع الصلاحيات أو كامل الصلاحيات لا يمكن أن يتجاوز حدوده الى الفيدرالية الا في نطاق كافة المحافظات التي تتكون منها الجمهورية اليمنية بسكانها ومواطنيها ال22 مليون نسمة وليس في نطاق هذه المنطقة الجغرافية الجنوبية الشطرية أو تلك المنطقة الجغرافية الشمالية الشطرية لأن الأصل أن الشعب اليمني كان مازال وسيظل واحداً عبر التاريخ وأن التجزئة هي الاستثناء الذي فرض عليه رغم ارادته بالقوة والقهر.. ولا يمكن ان يكون الاستثناء بديلاً للقاعدة بأي حال من الأحوال القانونية الدولية.. أعود فأقول ان الفزع الذي أظهرته أحزاب المشترك المعارضة من الاستجابة غير المتوقعة التي أظهرها الحزب الحاكم وقيادته، قد كشفت المستور وأكدت وبما لا يدع مجالاً للشك أن الخلل ليس في قانون الانتخابات الحالية.. بقدر ما هو خلل في ضعف القدرات التنافسية لأحزاب المشترك المطالبة أكثر من أي وقت مضى العودة الى الذات والتحرر مما تعانيه من الاختلالات وجوانب القصور بدافع الحرص على المراجعة الشجاعة والتراجع الاشجع من الخطأ الى الصواب.. وبدون ذلك ستبقى الاعوجاجات قائمة والاختلالات مستمرة وبحاجة الى التقييم والتقويم نزولاً عند رغبة الهيئة الناخبة لأن الحزب أو التنظيم أو الشخص الذي يستطيع أن يخدع كل الناس بعض الوقت ويخدع بعض الناس كل الوقت لا يستطيع بأي حال من الاحوال التقييمية والعلمية أن يخدع كل الناس كل الوقت.. لأن حبل الكذب أو الخداع قصير مهما أمكن اللجوء اليه كسلاح يمكن استخدامه آنياً للخروج من بعض المشاكل العارضة الا أنه لا يصلح بأي حال من الأحوال أن يستخدم كسلاح دائم ومستمر الى ما لا نهاية وبالذات في القضايا ذات الكليات والعلاقات الاستراتيجية الدائمة والمصيرية المحكومة بتجدد وتجديد الرأي والرأي الآخر على الدوام بحكم ما تنطوي عليه من النسبية الناتجة عن خضوع الثابت والمتغير لقوانين ونواميس التعدد والتنوع وما يوجبانه من تبادل التنازلات بين الذين يبحثون عن جزئيات للاتفاقات الآنية الحاملة للديمومة الخلافية والحوارية المفتوحة على الحقيقة في كل الاتجاهات السياسية والايديولوجية .. ومعنى ذلك أن الكارثة هي الطرف الذي يعتقد أنه على صواب مطلق ولا يترك للآخر سوى الخطأ المطلق على نحو تتحول فيه طروحاته غير الديمقراطية الى سلبيات هو في غنى عنها وعن اتخاذها موضوعات حوارية واعدة بالانتصارات الوهمية لأن المستقبل لا يمكن التعامل معه بهذا النوع من العقليات السياسية المتحجرة والمتخلفة والناقصة التي تؤسس نفسها على قاعدة احتكار الذكاء والشطارة وما يقابله من استهبال واستغفال للآخرين، لأن المنطق والعقلانية تستوجب التعدد والتنوع في كل الاحتمالات والحوارات الباحثة عن الحلول لما تراكم من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على قاعدة «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» أي لابد للسياسي من التواضع ونكران الذات وأن يضع باعتباره على الدوام «إن حقوق من يختلف معهم من المنافسين لا يقلون عنه شطارة وذكاء» لأن من يسلم بأن غيره لا يقل عنه ذكاءً وشطارة قد يكون مرشحاً لاحتمالات النجاح والفشل على حد سواء.. أما من يؤسس منهجه الحوار بطريقة علمية أكثر فهو الذي يعتبر ان غيره أكثر منه شطارة وذكاء لكي تكون نجاحاته اكثر من اخفاقاته بحكم ما يولد لديه هذا النوع من التفكير العلمي من الإعداد والاستعداد للاستقواء بكل ما يعينه على الدخول في هذا النوع من المعتركات الحوارية الجادة والمسؤولة بما تنطوي عليه من الصعوبات والتعقيدات والموجبة للتواضع المشوب بالاستعداد الدائم لتقديم التنازلات الموجبة لتقديم الممكنات على المستحيلات.. كما هو الحال في طبيعة المنهج المرن والذي يتعامل به فخامة الأخ الرئيس مع خصومه ومنافسيه على قاعدة الصبر المشوبة للاستعداد المستمر للانفتاح على الصواب والتنازل عن الخطأ بصورة متميزة على العقليات المهيمنة على قيادات التنظيمات النوعية التي ولدت ونمت وترعرعت في الأجواء المغلقة للعمل السري والشمولي لديكتاتورية الحزب الواحد والشخص الواحد التي استوطنت عقول بعض القيادات الحزبية الشمولية التي اعتادت على ثقافة (أنا وحدي على حق وغيري على خطأ.. أنا وحدي العالم وغيري هو الجاهل، أنا وحدي الوطني.. وغيري هو الخائن). (أنا وحدي الديمقراطي وغيري هو الديكتاتوري). أي أن هذا النوع من التفكير الذي يفرض نفسه على أحزاب الصفوة والنخبة الاشتراكية أو القومية او الاسلامية هو المهيمن على تفكير بعض القيادات التقليدية لأحزاب المشترك.. التي أوقعت أحزابها في سلسلة من الاخفاقات والانتكاسات الانتخابية والسياسية التي قذفت بها من القوة الى الضعف ومن الشراكة في الحكم الى ساحة الشراكة الآنية في المعارضة رغم ما يوجد بينهما من الخلافات والتناقضات الايديولوجية الكبيرة الا أنها لم تكن بمستوى القدرة على الدخول في منافسات مدروسة مع المؤتمر الشعبي العام الذي ولد في الأجواء الديمقراطية المفتوحة على :كافة الهاربين من الشمولية وثقافتها غير الديمقراطية.. فاستطاع المؤتمر أن يكون إطاراً فضفاضاً لاستيعاب الذين ضاقوا بعصبية تجاربهم الحزبية السابقة واستيعاب العدد الاكبر من المستقلين الذين يضيقون ذرعاً في الالتزامات الصارمة المحكومة بالقوانين الحديدية للأحزاب الشمولية المنفرة ورغم ما يوجد في نطاقه من التباين الذي يستدل منه على نوع من التعدد والتنوع الا انه الاقدر على حشد القاعدة الشعبية العريضة من اصحاب المستويات والخبرات الثقافية السياسية والذين لا خبرات ولا تجارب سياسية وحزبية وثقافية سابقة لهم من الذين هم على استعداد دائم لتطوير أنفسهم وقناعاتهم واستيعاب ما يعتمل في الواقع من المتغيرات والتبدلات الديمقراطية دائمة التطور، ففي الوقت الذي تعامل فيه المؤتمر بحكم حداثة نشأته الديمقراطية الليبرالية القائمة على التعدد والتنوع باستعداد للفهم وما يوجبه من استعداد للمراجعة والتراجع من الخطأ الى الصواب ومن الكمال الى النسبية ظلت الاحزاب النوعية الايديولوجية الشمولية ترزح تحت ما تراكم لديها من ثقافة الماضي وأمراضه وعقده الناتجة عن شعور قياداتها بالامتياز والخصاصة بأنها الأكمل والأفضل دائمة الصواب ودائمة العلم بالحقيقة والعدالة حتى وجدت نفسها فجأة في ظل التعدد والتنوع الموجب للاحتكاك والمنافسة أنها أحزاب أقلية غير قادرة على تكييف أوضاعها الجديدة مع ما تريده الهيئة الناخبة من التواضع والتنافس على تقديم أفضل الخدمات لأولئك البؤساء والمحتاجين من العامة الى درجة وجد فيها المؤتمر نفسه الأقدر على تلبية الحد الأدنى من المطالب المتواضعة للهيئة الناخبة فيتحول بذلك التواضع من حزب الأكثرية الى حزب الاغلبية المريحة.. الى حزب الاغلبية الساحقة.. في وقت عجز فيه الاشتراكي ومثله الاصلاح على الاقتناع بموقفه وموقعه في الشراكة بالحكم فقادهما الطمع الى مغادرة ماهو متاح من الطموحات الى الاستقرار في ساحة المعارضة ولكن بعقليات انتقامية من الحزب الشريك الذي أصبح يعرف اليوم بالحزب الحاكم.
أقول ذلك واقصد به ان هذه الاحزاب غير المتناغمة في قناعاتها وتناقضاتها الايديولوجية قد استطاعت في لحظة الاحساس بمرارة الهزيمة الانتخابية التي تحولت عند الاشتراكي الى هزيمة متهمة بشبهة التآمر على الوحدة والديمقراطية بصورة أفقدته رصيده النضالي وحجمت من رصيده الشعبي بما اتهم به من انقلاب بالقوة على الوحدة والديمقراطية ويبدو اليوم وكأنه لم يتعظ من الدروس فيكرر نفس اللعبة ولكن بوسائل فوضوية يقدمها بالسلمية وقد أصبحت عائقاً يحول دون قدرته على الحفاظ على قاعدته الانتخابية التي حصل عليها في أول تجربة انتخابية.. وما أشبه الليلة بالبارحة فها هو التجمع اليمني للإصلاح الذي كان شريكاً فاعلاً في الدفاع عن الوحدة والذي وصل الى الشراكة في الحكم بالديمقراطية لا يبدو هو الآخر انه قد استفاد ما فيه الكفاية من أخطاء الحزب الاشتراكي وحلفائه الضعاف بل راح يبدل تحالفاته السابقة حين بدأ يفكر بعقلية انتقامية قربته من عقلية الاشتراكي الانتقامية معتقداً في لحظة انفعال ان حفنة من الانفصاليين والإماميين سوف يمكنونه بإضعافهم للحاكم من تحقيق أهدافه وبدلاً من التفرغ للبحث عن الأسباب الذاتية والموضوعية للنجاح وللفشل اذا بهما يتفرغان بالمطلق لما لديهما من نوايا انتقامية غير ديمقراطية سواء في إقامة تحالفاتهما التي تجاوزت ما بينهما من خلافات أيديولوجية تفصل اليمين عن اليسار الى إقامة تحالفات انتقامية مهزومة لا تمتلك المقومات العملية للديمومة السياسية المبنية على نشوة الانتصار، حيث استغربت جماهير الشعب اليمني ممثلة بهيئته الناخبة بحكم ما لديها من الخبرة العملية والوعي المكتسب هذا النوع من التحالفات بين اعداء الأمس والغد في لحظة حاضر دفعتها بقصد وبدون قصد وبوعي وبدون وعي الى الوقوف في الوسط مع الحزب الذي فتح قياداته وقواعده على الجميع من كل الاتجاهات كما تعامل مع المستقبل بوحي ما لديه من المرونة والاعتدال التي التي عرف بها في ماضيه وحاضره مستفيداً من المكانة التاريخية لزعيمه الوطني والتاريخي المجرب الذي تؤهله سلامة مواقفه لثقة الأكثرية الشعبية الباحثة عن قدر من مقومات السعادة والمستندة الى ما تحتاجه بعد معاناة من الأمن والاستقرار والتفرغ للتنمية التي وجدت في وسطية واعتدال مواقفه ووضوح برنامجه وسلامة تاريخه ما تبحث عنه من الأمان بعد تجارب مريرة ومشوبة بالكثير من التحديات والأخطار الرافضة للتطرف أياً كانت مصادره اليمينية أواليسارية. أعود فأقول: إن أحزاب النخبة التي ولدت في مرحلة الشرعية الثورية والتي ولدت في أجواء السرية والشمولية والتشطير والقمع والتحريم قد ظلت متأثرة بماضيها حاملة معها في مرحلة الشرعية الدستورية ما تعانيه من العقد والعيوب غير قادرة على تكييف أوضاعها مع المتغيرات الوحدوية والديمقراطية الموجبة للإقتناع بأن التداول السلمي للسلطة لا يتم بالخطابات النارية ولا يتم بالمواقف والبرامج السياسية المتطرفة ولا يتم بالحوارات الانقلابية بقدر ما يحتاج الى تبدل في الخطابات والمواقف والبرامج والحوارات البرجماتية المحكومة بالأساليب والوسائل السلمية وبالشرعية الانتخابية الحرة والنزيهة والشفافة باعتبارها البوابة الوحيدة للتداول السلمي للسلطة دون اللجوء الى غيها من البدائل والخطابات والبرامج والحوارات الانقلابية الثورية التي تكرر اليوم لغة الأمس وموروثاته الطاردة للهيئة الناخبة صاحبة القول الفصل في منح الثقة وحجب الثقة.. وذلك هو الأسلوب الذي أبعدها عن ثقة الهيئة الشعبية الناخبة على نحو قادها من سيئ الى أسوأ بقدر ما استفاد منه حزب الأكثرية المتحرر من ماضيه الذي ولد في الأحضان الدافئة للوحدة والديمقراطية على نحو جعله أقرب الى الأحزاب الليبرالية التي تؤسس حضورها على الوسطية والموضوعية والاعتدال والتفاؤل والأمل وما يرافقه من الثقة بالحاضر والمستقبل والانشغال بما ينفع الناس وتجنب الدخول في مواقف مثيرة للشبهات الانتقامية المخيفة والطارد، للثقة من جماهير الشعب صاحبة القول الفصل في منح الثقة وحجب الثقة.. وبدلاً من ممارسة أحزاب الأقلية للنقد الذاتي والنقد البناء الذي يقدم تطلعات الحاجة الى الحاضر والمستقبل على الذكريات الدامية والمدمرة للماضي القريب والبعيد إذا بها تقيم هذا النوع من التحالف المشدود الى الماضي أكثر من انفتاحه على الحاضر والمستقبل مستخدمة ما لديها من قدرات وخبرات سياسية ودعائية مكتوبة بلغة السياسة والصحافة المستبدة التي لا تجيد سوى الحديث بلغة حب (الأنا) التي لا ينتج عنها سوى الأنانية الطاردة للثقة الشعبية وما ينتج عن ذلك من الإحراجات الناتجة عن الهروب من الشرعية الانتخابية الحرة والنزيهة.. فنجدها على استعداد للفجور في الخصومة والمبالغة في توزيع الاتهامات الكيدية لمن تعتقد أنهم سبب في اخفاقاتها وهزائمها السياسية الناتجة عن خلل ناتج عن أخطاء في موروثها الثقافي والتنظيمي غير مستعدة لمراجعته والتراجع عنه كما هو الحال في مواقفها من قانون الانتخابات النافذ الذي شاركت في إقراره وتعديله أكثر من مرة في غرور وجنون قادها الى المبالغة في تعديله بما يتفق مع ما لديها من الملاحظات ومع ما صدر عن بعثة الاتحاد الأوروبي من توصيات الى التشكيك في حيادية واستقلالية اللجنة العليا للانتخابات بداية من ممارسة الوصاية الحزبية على ثلاثة من أعضائها الذين منعوا من أداء القسم الدستوري ومن المشاركة في عمل اللجنة ومروراً بالتشكيك بشرعيتها دون الاستناد الى نصوص وحجج قانونية مقنعة، ورغم انهم كانوا بالأمس القريب سبباً في عدم إقرار ما اتفقوا عليه من تعديلات لقانون الانتخابات بامتناعهم عن تقديم أسماء حصتهم من الأشخاص الأربعة بما فيهم رئيس اللجنة الذين اتفقوا عليهم في عملية رفض غير مبررة قادتهم تحت وطأة الخوف من الدخول في منافسات انتخابية مخيفة الى إغراء حزب الاغلبية بالتأجيل سنتين الى الأمام لأعضاء مجلس النواب الحالي، وما تلى التأجيل من تهرب من الحوار الجاد والتسبب في ضياع الوقت وإهدار الجهد في متاهات الخلافات الثنائية.. ها هم اليوم وللمرة الثانية يأبون الا الاصرار بجنون على عدم إدراج إقرار القانون المعدل في الدورة الحالية لمجلس النواب خوفاً من مطالبتهم بتقديم أسماء جديدة لما يطالبون به من إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات البديلة للجنة الحالية وقبل ذلك وبعد ذلك نجدهم يغرقون السياسة والصحافة بسيل من الخطابات والكتابات والبيانات الدعائية التي تلقى على القانون النافذ واللجنة القائمة كل في قواميس الدنيا من الذم والسب والشتم الذي يتجاوز الصفات الذميمة والقبيحة للأحياء الى ما هو أبعد من ذلك من مشاهد العداء التي تلقي عليهم بما في الأموات من العيوب والمخلفات الذميمة والرميمة واللامعقولة واللامقبولة على الاطلاق في محاولة للتجديد والتمديد مرة ثانية وقاتلة للديمقراطية.. في عملية هروب من الانتخابات لها بداية معلومة ومعروفة في الزمان ولكن لا نهاية لها معروفة ومعلومة من الناحيتين الزمانية والحوارية العدمية البداية الجادة والمسؤولة والعمومية النهاية المثمرة والمفيدة.
أخلص من ذلك الى القول اننا أمام أغرب حوار سياسي بين أقلية تعارض تطمع بالحكم المطلق وأغلبية تحكم وتخاف من العواقب الوخيمة لما سيأتي به الغد من نتائج علمها عند الملايين من أعضاء الهيئة الناخبة.
وإذا كانت المؤشرات تدل على تأجيل جديد وتمديد جديد لنواب الشعب ترجح القول (ما اشبه الليلة بالبارحة). فإن اصحاب النبوءات والتوقعات لم يعودوا بحاجة إلى التوقع.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 02-ديسمبر-2024 الساعة: 01:03 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/84687.htm