المؤتمر نت -
عرض عبد السلام الدباء -
الإعلام الدولي وبعض إشكاليات الخطاب الإعلامي العربي للدكتور وليد حسن الحديثي

*عرض مضمون الكتاب ومحتوياته البحثية :

يبدأ المؤلف بالتمهيد لمضمون الكتاب من خلال المقدمة التي تناول فيها وضع الإعلام العربي وحقيقة الإشكاليات التي يعاني منها والتحديات التي تواجهه اليوم في الجوانب التقنية والتكنولوجية والتدفق المعلوماتي العالمي وغير ذلك .

وفي هذا الصدد فقد كشف المؤلف من خلال هذه المقدمة عن حقيقة المشكلة الإعلامية العربية – من وجهة نظره – بالقول أنها تكمن في أن الإعلام العربي لا يقرا العالم وتطوراته إلا بعد حين، وهذا بدوره يجعل الإعلام العربي يفكر دائما بحالة تراجعية متخلفة عن فهم حالات التطور التي تحصل في بناء المعلومات أو طبيعة تناولها لوسائل الاتصال المتعددة.
وبذلك فان المؤلف لا يتفق بالرأي مع ما يشاع حول أن المشكلة الإعلامية العربية قد نتجت بسبب فرض الأنظمة العربية طوقا رقابيا على العقول والأقلام.

ويذهب المؤلف إلى التأكيد بان وسائل التكنولوجيا الحديثة بكل أنواعها وأشكالها قد غيرت بصورة جذرية الطريقة التي يتعامل ويتعايش بها الناس مع الأحداث التي تجري حول العالم حتى أصبحت ثقافتهم اليوم ومعرفتهم مرتبطة بالتدفق المعلوماتي الذي يوجه يوميا إلى أسماع وانظار ابناء العالم ، وخاصة من خلال التلفزيون ومن ثم الانترنت.
ولذلك فان المؤلف ينصح الإعلام العربي والقائمين عليه اليوم بان عليهم أن يقرءوا ويحللوا مضمون التفكير عند الأمريكان والغرب بهدف تطويق حالة الاجتياح المعلوماتية والثقافية التي تحملها وسائل الاتصال و الإعلام بأشكالها وأنواعها المختلفة.

ويقول المؤلف في هذا الشأن أن عمق التفكير وشموليته سيقود أصحاب الفكر والسياسة إلى وضع إستراتيجية عربية تؤمن عملية الوصول إلى أهداف العالم وصراعاته وتطلعاته، وهذا بدوره يمكن أبناء الجيل العربي الجديد من عشق تقنيات المعلومات باعتبارها أدوات للتطور واللحاق بركب الحضارة وليس لاستثمارها كمتعة والوقوف عندها كحالة من حالات الانبهار.

الفصل الأول
الاتصال والإعلام الدولي

يتناول فيه موضوع الاتصال وتاريخه والنظريات الخاصة به والمفاهيم التي ترتكز عليها قيم الاتصال في الفصل الأول ويعرف في المبحث الثاني من هذا الفصل الإعلام الدولي وأهدافه ووظائفه ووسائله وجوانبه المختلفة وحدوده كوسيلة من وسائل السياسة الخارجية والإعلام الدولي في إطار المنظمات الدولية وكذا سمات أو ملامح النظام الإعلامي الدولي.

كما يركز الباحث في هذا الفصل على جوانب الإعلام الدولي في إطار السياسة الخارجية كونه احد وسائل السياسة الخارجية التي توظفها الدول لخدمة أهدافها في اختراق منظومة القيم الثقافية للدول الأخرى فيما يعرف بالغزو الفكري والإسهام في إعلاء شان الثقافة الأمريكية أو الغربية عموما وتهميش ثقافات الجنوب وبقية الدول والترويج لعالمية السوق فيما يعرف بالعولمة.

الفصل الثاني:
الحرب النفسية وتطور الدعاية الأمريكية

يتناول الباحث مسألتي الحرب النفسية وتطور الدعاية الإعلامية الأمريكية متضمنا ماهية الحرب النفسية ومدلولاتها وكيفية ارتباطها بسير العمليات الحربية، قائلا أن الحرب الشاملة هي خليط بين الحرب العسكرية والاقتصادية والنفسية ، مستشهدا باستخدامات الحروب النفسية في العصور المختلفة في تمويل صورة الجيوش لزرع الهزيمة في صفوف العدو وجعلهم فريسة للمخططات والأهداف التي تمهد للسيطرة عليها واستعمارها ، موضحا بأنها تستهدف الناس كمجموعة وأفراد إلى جانب المدنيين والعسكريين.

وتطرق الباحث إلى موضوع الدعاية والفرق بينها وبين الدعوة حيث استخدمها الإغريقيين في فلسفاتهم ، والعراقيين والفراعنة أثناء الحروب ، كما استخدمها اليونانيين لتحقيق الأهداف السياسية والعسكرية، كما استخدمت في وسائل التبشير المسيحية، وفي عصر الدولة العباسية لنشر الدعوة الإسلامية ، مرورا بالفاطميين والأيوبيين الذين استخدموها لتغيير معتقدات الشعب المصري في تلك المرحلة ، حتى أصبحت الدعاية علما له قوانينه خلال الحرب العالمية الأولى مع اختلاف المسميات في كل دولة واعترف بها كعمل منظم ودائم في زمن السلم والحرب.

ويخلص الكاتب إلى تعريف بعض الموجات الفكرية التي سادت العالم وحملت طابع الغزو ومنها الغزو الثقافي والفكري، الامبريالية الثقافية، الاستعمار الثقافي، الاستعمار الإعلامي، الغزو الإعلامي والاختراق الإعلامي والعولمة، والدور الذي لعبته وسائل الاتصال الحديثة في تطور أساليب وفنون استخدام الدعاية، إلى جانب قواعد وحدود الدعاية التي وضعها وليم البيج وكيفية تأثيرها على الجمهور المتلقي ذكر منها أن الدعاية المقنعة تلجا دوما إلى التلاعب بمشاعر الجماهير والمبالغة في الروايات والإشاعات والمعلومات التي يبثها على الجمهور بقصد التأثير عليهم وصرف اهتماماتهم عن الموضوعات الأصلية إلى موضوعات تافهة، ويتم التركيز فيها على عملية التكرار المتصل والمستمر وعدم الدخول في جدال ونقاش إلا في أضيق الحدود ومع الجماعات الصغيرة التي لا تعتمد على المنطق والتعرف على اتجاهات الجمهور السائدة للوصول بهم إلى المرغوب فيها.

أما عن قواعد الدعاية فهناك سبع قواعد تهدف إلى هدم الدعاوي الرئيسية للخصم قبل حدوث عمليتي التعلم والتأثر بالدعاية ولعل أبرزها تجريد الخصم و دعاويه من الأسلوب العاطفي المثير وكشف تناقضاتها ومهاجمة مواطن الضعف لدى الخصم وتسخيفه بالدعاية الهزلية الساخرة والمهاجمة الشخصية من خلال التناقض والزلات والفضائح الشخصية والعمل على إشاعة جو القوة وخلق الشعور بالإجماع وفرض لغة الدعاية ورموزها وشعاراتها.

ويستعرض الباحث في المبحث الثاني من هذا الفصل تطور الدعاية الأمريكية خلال أربعة مراحل وهي مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية من خلال تأسيس لجنة المعلومات العامة في العام 1917م لإحباط الروح المعنوية والحط من قدرة الجيش الألماني عبر إطلاق الشائعات ودورها رولد لاسويل في تنظيم الدعاية الأمريكية من خلال أفكاره التي أصبحت جزء من النظرية الأمريكية القائلة بان الدعاية تنقل إلى الناس الأفكار والآراء، وكيف صدر الأمريكان سياسة بلادهم للخارج باستخدام الإذاعات الموجهة وإنشاء جهاز مركزي للدعاية السياسية الأمريكية في الداخل والخارج في العام 1940م عبر إذاعة صوت أمريكا.

وفي أثناء الحرب العالمية الثانية تطور نشاط المنظمات الدعائية الأمريكية لتشمل دولا أخرى و أنشأت إدارات للحصول على المعلومات وتنفيذ أساليب الدعاية الإعلامية وتولي مسالة الحرب النفسية ضد العدو، حتى أصبح مكتب المعلومات الحربية مرتبطا بالخارجية الأمريكية في العام 1945م حيث أصبحت عملا منظما للحكومة الأمريكية.

وبعد الحرب العالمية الثانية وبدء الحرب الباردة والصراع النفسي بين القوتين السوفيتية والأمريكية تمكنت الولايات المتحدة باستخدام الأجهزة الإعلامية والدعائية المتطورة من استمالة المشاعر وخلق مواقف مؤيده لها حيث تم تزويد (90) دولة بأكثر من (2000) محطة تلفزيونية فضلا عن المحطات الإذاعية وصولا إلى الانقضاض على عدوها التقليدي.

بعد مرحلة الحرب الباردة وبروز مفهوم العولمة كنتاج للثورة العلمية والتكنولوجيا تمكنت الولايات المتحدة من السيطرة على تكنولوجيا المعلومات لتحرير مخططاتها الدعائية تصدير نمط الحياة الأمريكية للاستيلاء على الشعوب الأخرى.

وظهر ذلك من خلال تجنيد الشبكات الإذاعية والتلفزيونية ونجوم هوليود والاستفادة من الأمية التكنولوجيا في العالم الثالث لغرض الهيمنة والتحكم والانفراد والسعي لعولمة الإعلام خاصة مباحثات 11/9 وما صاحبها من تغير استراتيجي في السياسة الخارجية الأمريكية في محاربة الإرهاب والانتقال من سياسة الردع والاحتواء إلى الحرب الوقائية التي استهدفت دولا عدة تحت ذريعة الإرهاب أو الدول المارقة.

الفصل الثالث:
الغزو الفكري والعولمة


افرد الباحث مساحة واسعة للتعريف بالغزو الفكري وبداياته بالنسبة للعرب والمسلمين بعد فشل اليهود والصليبين من الغزو العسكري للدول الإسلامية أثناء الحملات الصليبية في القرون الوسطى حيث أدركوا انه لا سبيل من السيطرة على المسلمين إلا عن طريق الغزو الفكري الذي هدف إلى إخضاع الشعوب العربية والإسلامية لنفوذ القوى المعادية والتبعية المطلقة لها، وتبني أفكار الآخرين وتدريس مناهجهم والفصل بين الأمتين العربية والإسلامية وتاريخها وسير أسلافها وعظمائها ، وإضعاف لغة الأمة وتعميم ثقافة ولغة المعتدي وتصوير تراث العرب والمسلمين بصورة التخلف إضافة إلى إذكاء الخلافات السياسية وتشجيع الثغرات الطائفية وتعميقها وفصل العروبة عن الإسلام في محاولة لإضعاف دور العرب في رفع راية الإسلام خاصة أيام الأمويين والعباسيين.


ويشير الباحث إلى أن من ابرز أسباب الغزو الفكري هو سيطرة وكالات الأنباء الغربية والإذاعات الأجنبية والبرامج التي تقدمها ودورها في تكوين النسق المعرفي للمواطن العربي إزاء الأحداث والتطورات مقابل ذلك ضعف الإنتاج المحلي العربي.

ويضع الباحث في هذا السياق عددا من المعالجات الضرورية لتجاوز أزمة الغزو الثقافي والإعلامي يذكر فيها توحيد الجهود العربية لبناء منظومة إعلامية عربية موحدة تسهم في تقديم خطاب عربي مقنع ومتنوع محافظ على الهوية العربية والإسلامية قادرا على الوصول إلى المشاهد الأجنبي بلغته ، إلى جانب عدة إجراءات ومنها تأسيس وكالة أنباء عربية عملاقة تعكس الأخبار والحقائق والأحداث والتخلص من تبعية وتعبد الدول الأجنبية مع التوجيه والتوعية والرقابة على المنتجات الفنية الهابطة سواءً كانت محلية أو مستوردة والانفتاح على الأخر من موقف نقدي انتقائي بدون الاقتباس الأعمى الذي يخدم الغرب ومخططاته.

كما يفرد الباحث عدة صفحات للحديث عن العولمة التي اعتبرت انتصارا للنموذج الغربي الليبرالي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، ومحاولات الترويج لهذا النموذج السياسي والاقتصادي باعتباره الأفضل في تاريخ البشرية عن طريق الخصخصة وتحرير الأسواق المحلية وفتحها أمام الإنتاج العالمي الذي تتحكم فيه الشركات الغربية العملاقة.

أما العولمة الثقافية ودورها في إلغاء جميع الخصوصيات الحضارية للشعوب وتأصيل القيم النفسية والسلوكية والعقائدية الأمريكية عبر وسائل الإعلام العالمية التي تمتلكها فأثارها لم تعد خافية على احد خاصة في ظل التطور الحاصل في مجال البث الفضائي والإذاعي والانترنت.

الفصل الرابع:
الإعلام العربي والتحديات الخارجية
حاول الباحث أن يضعنا في صورة الإعلام العربي وما يعانيه من ضعف وهشاشة أمام الإعلام الغربي الذي يحاول الإساءة لصورة العربي عبر الدعاية المنظمة التي تنظم ضد العرب والمسلمين والتي تستغل بعض الممارسات والسلوكيات اللامسئولة لبعض الأفراد العرب، إضافة إلى حالة التمزق الداخلي الذي تسعى الصهيونية إلى إذكاءه عبر التفرقة المذهبية والطائفية كما حدث في العراق ولبنان واستهداف الدين والتاريخ والفكر والطعن والتشويه بالرموز الدينية والتاريخية والقومية، إلى جانب الإشاعات التي تستهدف التأثير على الرأي العام المحلي وحصار الشعوب لإضعاف قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية وإتباع المنهج الإعلامي المدروس في تحطيم المعنويات العسكرية ، بالإضافة إلى عمليات غسيل الدماغ التي يتعرض لها الدارسين في الخارج ونقل الجرائم الأخلاقية والمخدرات ونشر الفوضى ودعم الآراء والأفكار المعارضة وزيادة حجم الصراع لتفكيك البلدان وزرع الجواسيس في كل مكان لتنفيذ هذه المهمة.

يتلمس الباحث عوامل القوة في الأمة العربية والإسلامية للتصدي لعمليات التمزيق الداخلي للأمة في جوانبها السياسية والاجتماعية والثقافية والخروج من دائرة التبعية للخارج ويركز على الجانب الإعلامي الذي يرى انه يتحمل المسئولية الأكبر في توضيح الصورة الصحيحة والمشرفة للأمة العربية والإسلامية وإيصال الصوت القوي والمؤثر في الرأي العام العالمي وصولا إلى التغيير والتأثير بالعالم.


و لمواجهة التحديات التي تواجه الإعلام العربي يرى الباحث ضرورة صياغة نظرية إعلامية عربية موحدة تجعل الهدف العربي الإسلامي ابرز سماتها إضافة إلى ترجمة الرسائل الإعلامية العربية إلى عدة لغات أجنبية مع توفر كوادر إعلامية متخصصة في مجال التقويم التكنولوجي وأساليب الرصد المعلوماتي والعلمي والتكنولوجي واستخدام رسائل التقنية الحديثة في توصيل الحقائق الإخبارية بشكل جيد وأسلوب شيق يعكس لدى الجماهير الثقة والقبول.

كما يتناول الباحث في الجزء الثاني من هذا الفصل أسس الحرب النفسية ضد الأمة العربية وكيف استطاع الصهاينة إتباع أساليب دعائية ضد العرب داخليا وخارجيا من خلال إطلاق الشائعات ونشر الكتب المغرضة والمنشورات المدسوسة وإثارة الفتن وقتل الزعامات والقيادات المسئولة والتجسس وعمليات غسيل الدماغ وحرب المعلومات وإعادة كتابة التاريخ وتشويه الصور القومية عبر الأبواق الإعلامية المنتشرة والمؤثرة في صناعة القرار في الولايات المتحدة والتي يسيطر عليها اليهود لخدمة أغراض ومصالح وأهداف الصهيونية.

واستشهدا الباحث بما حدث في العراق وكيف أصدرت القيادة الأمريكية توجيهاتها لمحرري الصحف ووسائل الإعلام بالالتزام بضوابط محددة تخدم أهداف الحملة العسكرية وحشد الرأي العام العالمي لتصوير إسرائيل بأنها ضحية الصواريخ العراقية.

الفصل الخامس
الإعلام والعولمة وموقفنا العربي




يشير الباحث إلى العولمة كأحد أدوات الاستعمار الغربي الذي تشكل بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد والمحاولات المتكررة لتسويق الخطاب الإعلامي والسياسي والاقتصادي والثقافي الغربي إلى بقية دول العالم وتعميق صورة الحياة الأمريكية لدى شعوب العالم بمعنى السيطرة بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية على دول العالم الثالث.

وفي الجانب الإعلامي يرى الباحث أن امتلاك الغرب للوسائل والتقنيات الحديثة ومع التدفق الحر للمعلومات ودخول عصر الفضائيات والأقمار الصناعية وتصاعد الإنتاج البرامجي التلفزيوني للولايات المتحدة و التغطيات الحية والمباشرة للأخبار والأحداث العالمية سواء في السياسة أو الرياضة والفنون والعلوم ربما يؤسس واقعا سلبيا على هوية المجتمعات وثقافتها وقيمتها الحضارية ، حيث أن ما يقارب من 90% من مصادر الأخبار تأتي من وكالات الأنباء العالمية التي يهيمن عليها الغرب .

بالإضافة إلى ذلك هناك صناعة المسلسلات والسينما والبرامج التلفزيونية لدرجة أن يتم تغطية الأخبار الداخلية للشعوب بشكل أقوى من الإعلام المحلي الذي أوشك على فقدان استقلاليته الإعلامية بسبب هذه الهيمنة الإعلامية ، بمعنى أن الولايات المتحدة تسيطر على معظم أجهزة البث والإرسال والإنتاج وهي بذلك قد وجدت استعمارا جديدا أكثر بكثير من الاستعمار القديم ومنحتها من النفوذ والسيطرة ما جعلها تهيمن على مقدرات دول كثيرة ومجتمعات متعددة.

وعلى الرغم مما تقدم الا أن الباحث يقلل من اثر العولمة الإعلامية على الشعوب والمجتمعات الأخرى كون الإعلام الفضائي لكل دولة وقف عائقا في مواجهة السيطرة الأمريكية وخلق حالة من الصراع الحضاري والثقافي بين الشعوب.

ويحذر بنفس الوقت من تفاقم الهيمنة الإعلامية الغربية واعتبارها مصدرا رئيسيا في تعاطي الأخبار والبرامج بمختلف مكوناتها إذا لم يواجه العرب ذلك التدفق المعلوماتي بكل موضوعية و اقتدار وإيجاد الوسائل البديلة التي تمكنهم من إيجاد ضوابط تسيطر على ثورة الاتصالات في المشاهد العربي من البرامج الهابطة التي تؤثر على أخلاقياته وسلوكياته.

الفصل السادس:
إستراتيجية الإعلام العربي بين الحضور وتداعيات المواجهة

يستعرض الباحث في هذا الفصل تاريخ الإعلام العربي الذي وصفه بأنه عبارة عن صحف نشأت في أحضان الحكم العثماني ثم تنوعت وتباينت في خطابها وفقا لطبيعة المراحل التاريخية التي مرت بها.

حيث برزت الروح القومية العربية في مواجهة التركي منذ منتصف القرن 19 م وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى، ثم برزت روح التحرر الوطني والقومي ضد الهيمنة الأوربية حتى حصول الأقطار على استقلالها ، وكان أعلام الوحدة العربية والصراع ضد الكيان الصهيوني واضحا خلال فترة الخمسينات وحتى السبعينات التي شهد خلالها الإعلام تطورا تقنيا في ال مجال المرئي والمسموع.

وبرزت قضية التنمية الشاملة في أواخر السبعينات وفي مرحلة الثمانيات فركزت على قضيتي الديمقراطية والغزو الثقافي، وجاءت مرحلة التسعينات وحملت معها تطورات تقنية كبيرة إلا أن وسائل الإعلام العربية أخفقت في تعزيز قضايا الوحدة العربية والتنمية والديمقراطية تم تكريسها من بعض الحكومات لترسيخ مسار خطابها السياسي بكل ما يحتويه من اختلاف وتناقض وتفريط بوحدة الأرض العربية.

الفصل السابع
نماذج مختارة من الإعلام الدولي
ويستعرض الباحث فيه عدد من الوكالات العالمية التي يعزو ارتباطها المباشر باللوبي الصهيوني نتيجة لانخفاض أسعار البورصة في نيويورك وما يسمى بالخميس الأسود والتي سيطر عليها اليهود لنشر وبث الفكر الصهيوني للأخر حيث أنها تسيطر على نحو (98.7%) من المعلومات وتتنافس فيما بينها في الامتداد وتتفق في برنامجها السياسي والإعلامي ويذكر منها خمس وكالات عالمية هي وكالة الصحافة الفرنسية، وكالة رويترز، وكالة الاسوشيتد برس، وكالة يونيتد برس انترناشيونال، وكالة تاس ونوموسنتي ، وفي مجال الفضائيات يشير الباحث إلى أن الدول الغنية تسيطر على الفضاء الخارجي بنسبة (80%) من التدفق الإعلامي الدولي بسبب سيطرة أقمارها على المدارات، وفي لمحة سريعة يسلط الضوء على بعض القنوات العالمية ذكر منها قناتي الجزيرة وقناة CNN الإخبارية الأمريكية.

و يضيف الباحث قناة الجزيرة بأنها خدمة إعلامية عربية عالمية التوجيه شعارها الرأي و الرأي الأخر، وتطمح إلى أن تكون جسرا بين الشعوب والثقافات لتعزيز مفاهيم وقيم التسامح والديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الإنسان كما جاء في تعريفها ، إلا أنها تواجه انتقادات عربية لتمسكها بعرض وجهة النظر الصهيونية على لسان قادتها الإسرائيليين فيما تفسر ذلك بأنها قناة للرأي والرأي الأخر.

قناة (CNN ) الإخبارية الأمريكية فهي كما يقول الباحث من أقدم الشبكات العالمية العملاقة في الولايات المتحدة وصاحبة أول فكرة لبث الأخبار التلفزيونية على مدى 24 ساعة تميزت بالتغطيات الحية والتحليلات الدقيقة للأحداث الجارية لحظة وقوعها.


مع الانتشار الواسع للفضائيات ووسائل الإعلام الدولية نتيجة للتطورات التي أنفقت مرحلة البث الفضائي، كان للثورة الخامسة في عالم الاتصال اثر كبير في صياغة قارب المعرفي بين الأشخاص في مختلف دول العالم عن طريق شبكة الانترنت احد منجزات هذه الثورة.

وتعد شبكة الانترنت أفضل وسيلة اتصال دولية ناجحة ومتفوقة على كل الوسائل الحديثة وذلك بأنها وسيلة اتصال و أعلام المستقبل بلا منازع بسبب اللامكان واللازمان و التفاعلية والمجانية، والربط الدائم وتنوع التطبيقات وسهولة الاستخدام على امتداد المعمورة، حيث وصل عدد مستخدمي الشبكة أكثر من (800) مليون خلال العام 2004م ، وهناك العديد من الخدمات التي تقدمها الشبكة ومنها خدمة البريد الالكتروني ، المواقع المتخصصة ، وفي المجال السياسي، والثقافي، والاقتصادي.

وفي المقابل فان هذه الشبكة تم استغلالها من قبل الإعلام الدولي الصهيوني في عمليات استخباراتية سرية وأغراض تجسسية وتعتبر الشبكة الالكترونية اهم وسيلة لترويج الإشاعات المتعمدة والحملات الدعائية المسخرة لخدمة المصالح السياسية لبعض البلدان.

الفصل الثامن:
النتائج والتوصيات

يتناول الباحث في هذا الفصل النتائج والتوصيات التي خلص إليها في هذا المبحث بعد أن اتضح مدى التأثير التي تحدثه وسائل الإعلام الدولي على عموم المشاهدين مقابل هشاشة في مضمون الخطاب العربي والبرامج التلفزيونية التي تخضع للاجتهاد والأمزجة الشخصية ولا تلبي احتياجات المشاهد.


ويعتمد الباحث مجموعة من الصيغ التي تمكن البث التلفزيوني العربي من المنافسة دوليا ونذكر منها:
1- العمل على توفير ميزانية خاصة بالبرامج المحلية .
2- إيجاد تنسيق وتعاون بين كافة القنوات العربية ضمن لجنة عربية تمتلك الصلاحيات التي تمكنها من ممارسة مهامها و الارتقاء إلى مستوى المسئولية.
3- تشجيع مجالات الإبداع وتأهيل الكوادر الإعلامية في جميع المجالات مع ضرورة مراجعة للأساليب الإخراجية للبرامج الثابتة والتي تبعث على الملل لدى المشاهد خصوصا ما يترافق مع نشرات الأخبار.
4- تعميق مبادئ الحرية و الكرامة لدى المشاهد وقدرته على مواكبة التطور الإنساني والمشاركة الفاعلة فيه.
5- تأصيل قيم الحضارة العربية و الإسلامية والمحافظة عليها باعتبارها الأساس الذي تقوم عليه الهوية الثقافية واعتبار الإعلام هو الرافد الاستراتيجي للثقافة والسياسة والاقتصاد والحرب والسلم عن طريق تطوير الإنتاج الفضائي العربي وجعله أكثر تنوعا .
6- إنتاج البرامج التي تتوافر فيها كل أساليب الجذب والتشويق من حيث الشكل والمضمون بعيدا عن البرامج الوافدة لتتحاور مع الثقافات الأخرى من موقع الندية لا التبعية.
و يشير الباحث إلى ضرورة التكامل بين القنوات العربية في عدة مجالات من خلال تبادل الخبرات والمعلومات حول قضايا الإنتاج التلفزيوني وبحث سبل الارتقاء به عن طريق توفير الإمكانيات اللازمة واستشراف آفاق المستقبل واقتراح الخطط والتوصيات الملائمة لمواكبة تطورات التكنولوجيا الحديثة في مجال الاتصال والعمل على إيجاد برامج خاصة للأطفال بما يسهم في التنشئة المناسبة المستندة على الهوية العربية والإسلامية وإنشاء شبكة خاصة و مستقلة تتولى الإنفاق على برامج المبدعين المخصص للأطفال إلى جانب تقديم إرشادات للآباء والأمهات لتحقيق قدر من الرقابة في تعرض أبنائهم للمضمون المقدم من خلال القنوات التلفزيونية الدولية مع ضرورة الاهتمام بصناعة لعب الأطفال الالكترونية والتي تؤدي إلى غرس المجالات الإيمانية والعقلية والجسمية في نفوس الأطفال ، دعم المؤسسات المنتجة للبرامج التلفزيونية والاهتمام بصناعة الإعلام وتوجيهه الوجهه الإعلامية الصحيحة والاهتمام بالمستوى العام للمضمون والشكل.
ويختتم الباحث بالقول أن قوتنا تكمن في تأسيس جدار عربي إسلامي قوي ومتين ويجب على الإعلام العربي ممارسة دورة الطبيعي في بناء القوة على أربع مستويات هي بناء العقل النقدي والقوة التقنية والتحرر من التبعية وبناء القوة المعرفية ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه المثقف العربي باعتباره صانع المعادلة وممثل الإبداع على كافة الأصعدة والسبل الإعلامية

الخلاصة:

لقد حاول الباحث الأستاذ الدكتور وليد حسن الحديثي أن يتحسس الداء ويتلمس الدواء ويضع المعالجات والحلول الكفيلة بالخروج من الوضع الذي يعانيه الإعلام العربي ومن حالات التبعية وغياب الهوية العربية والإسلامية وتجاوز أزمة الغزو الثقافي والإعلامي التي تتعرض لها الشعوب العربية والإسلامية ، ومدى سيطرة الإعلام الغربي على وكالات الأنباء العالمية والإذاعات والقنوات الفضائية وشبكة الانترنت وتأثيرها على صناعة الرأي العام العالمي والذي تسعى من خلاله إلى السيطرة على العالم ومقدراته .

كما يضع الباحث جملة من الحلول الهادفة إلى الرفع من مستوى الأداء الإعلامي العربي مستنداً على مقومات عدة يمتلكها العرب والمسلمين وبما يمكنهم من تحسين الصورة العربية وتوضيحها للعالم وإيصال الصوت القوي والمؤثر في الرأي العام العالمي وصولاً إلى التغيير والتأثير في العالم.

*المؤلف أستاذ وسائل الاتصال الجماهيري بكلية الإعلام – جامعة صنعاء
تمت طباعة الخبر في: السبت, 30-نوفمبر-2024 الساعة: 04:40 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/59338.htm