|
عبدالغني: المؤتمرهوالأقدر على تقديم برامج تلبي تطلعات اليمنيين أكد عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى- عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام- ان التعددية السياسية مثلت عامل قوة للمؤتمر الشعبي العام وخلصته من عبء الانتماء المزدوج، في حين كان البعض يعتقد خطأً أنها ستشكل عامل ضعف نتيجة خروج الشخصيات الحزبية التي كانت منضوية تحت لواء المؤتمر لتنضم إلى أحزابها الأصلية. وأوضح -في حوار لـ"الميثاق" و"المؤتمرنت"- أن هناك صلة وثيقة بين المؤتمر والرئيس علي عبدالله صالح، تنطلق من اشتراكهما في صفتي الوسطية والديمقراطية، التي مكنت المؤتمر من النجاح في التفاعل مع القاعدة الشعبية وتوسيع قاعدة الانتماء التنظيمي إليه.. مشيراً إلى أن الثقة الجماهيرية بفخامة الرئيس أكسبت المؤتمر بُعده الجماهيري. وحول تقييمه لمسيرة المؤتمر الشعبي العام خلال ربع قرن أكد عبدالغني أن المؤتمر تميز بالمرونة التي جعلت منه تنظيماً وطنياً يستجيب للتطورات ويمتلك القدرة على التجديد في تكويناته التنظيمية والقيادية. س1: ما هي الإرهاصات التي سبقت قيام المؤتمر الشعبي العام؟ ، وكيف بدأت أكبر وأوسع عملية حوار سياسي في اليمن؟. ج1: هذا سؤال هام في الحقيقة، ولكن أهم ما ينبغي التأكيد عليه، في الإجابة على هذا السؤال هو أن المؤتمر الشعبي العام، لم يكن وليد اللحظة أو ضرب من التجريب السياسي، بل سبقته إرهاصات، بلغت من الخطورة مدى لا يمكن القبول به، خصوصاً وأنها كانت قد بدأت تترك أثرها على المبادئ التي قامت من أجلها الثورة اليمنية، باعتبارها المدماك الذي تتأسس عليه شرعية النظام الجمهوري، والذي يمثل بدوره البيئة الحاضنة للنظام السياسي للبلاد. كانت الأفكار السياسية والإيديولوجية الوافدة، تتصارع من أجل ملئ الفراغ النظري، ولا أقول الفراغ الفكري أو السياسي، لأن الثورة اليمنية كانت قد أمنت هذا الحيز الفكري والسياسي للنظام الجمهوري. والفراغ النظري الذي أقصده هنا، هو ذلك النوع من موجهات العمل التي ترتبط عادة بالتنظيمات والأيديولوجيات الحزبية.. كانت تلك الأفكار والإيديولوجيات الوافدة، تتسابق على فرض أولوياتها، و كانت تصطدم في مضمونها وأهدافها مع الأسس التي قامت من أجلها الثورة اليمنية، وتهدد مكاسب وطنية راسخة في مقدمتها الوحدة الوطنية،والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع اليمني الأصيل. وكانت تلك الأفكار تتغذى وتزدهر وتجد الفرصة، من حالة الاضطراب السياسي، وعدم الاستقرار التي هيمنت على العقد السادس والجزء الأكبر من العقد السابع من القرن الماضي، وبدأت تأخذ مظاهر لا تخلو من العنف خلال دورات متسارعة وغير سلمية من انتقال السلطة. وهنا اتجه اهتمام النظام السياسي الذي كان قد تولى قيادته فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، نحو إيجاد صيغة نظرية للعمل الوطني، تنبثق من الأسس التي أرستها الثورة اليمنية المباركة ونظامها الجمهوري. وهذا التوجه جسد صلته الوثيقة بفكر الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، الذي استلم السلطة في السابع عشر من يوليو 1978م، وفق المبدأ الديمقراطي، وعبر في الوقت ذاته عن مرحلة جديدة، كانت في جوهرها قد تميزت بانحيازها للأولويات الوطنية، دونما انفصال يذكر مع ثابت الانتماء للهوية الأشمل، وأعني بها ، الهوية العربية الإسلامية للشعب اليمني. ولأن التوجه نحو إيجاد دليل نظري للعمل الوطني، كان يهدف إلى تأسيس مرحلة جديدة من العمل السياسي الجامع، والعميق في هويته اليمنية الأصيلة، فقد كان تحقيق هذا الهدف، أكبر من أن يُختزل في قرار سياسي في معزل عن الإجماع الوطني، وهذا ما حرص عليه فخامة الأخ الرئيس من خلال دعوته إلى حوار وطني يتسم بسقف مرتفع من الحرية، وبقيم الحوار، واحترام الرأي والرأي الآخر. وعلى هذا الأساس شرعت البلاد في عملية حوار لم تشهدها من قبل، شملت كل القوى والتيارات السياسية، واستوعبت كل الأفكار، دونما إقصاء أو تهميش، وانتهت تلك العملية الواسعة من الحوار الوطني إلى التوافق على صيغة نظرية للعمل الوطني،هي الميثاق الوطني، التي أكدت على مبادئ أساسية أهمها: الوسطية، والديمقراطية وشرطها الحرية، والوحدة اليمنية، والحوار، والحكم على أساس من الشراكة الوطنية. وحرصاً على تأمين الإجماع الوطني بقاعدته الشعبية الواسعة، عُرضت صيغة الميثاق على استفتاء شعبي هو الأول من نوعه، أعلن من خلاله الشعب اليمني موافقته بنعم على صيغة الميثاق الوطني، ليجري بعد ذلك إقرارها رسمياً من خلال المؤتمر الذي ضم ألف عضو يمثلون مختلف أنحاء الوطن وقواه وتياراته السياسية وشخصياته الوطنية والاجتماعية. وكان من أبرز مقررات تلك المؤتمر، هو تأسيس المؤتمر الشعبي العام، ليكون الأداة السياسية التي تتعهد الميثاق الوطني باعتباره عقد اجتماعي، ودليل عمل وطني، ولينهض بمهمة العمل السياسي الوطني من وحي ذلك الميثاق. س2: كيف تقيمون مسيرة المؤتمر بعد ربع قرن؟ ، أين نجح وأين أخفق؟. ج2: في واقع الأمر قد لا يفي هذا الحيز بفرصة إجراء التقييم الذي يستحقه المؤتمر الشعبي العام، خلال مسيرة تمتد لربع قرن، وسأحاول هنا أن أؤكد على حقيقة هامة، وهي أن المؤتمر الشعبي العام، قد تميز خلال مسيرته، بالمرونة التي جعلته تنظيماً سياسياً يستجيب للتطورات، ويمتلك القدرة على التجديد في تكويناته التنظيمية والقيادية. والمؤتمر بالإضافة إلى كونه قد أرسى نهجاً وطنياً من العمل السياسي القائم على مبدأ الشراكة، قد استطاع أن يتبنى الأولويات الوطنية الملحة وفي مقدمتها التنمية الشاملة، والعمل من أجل إعادة الحياة إلى الحوار بين شطري الوطن من أجل تحقيق الوحدة اليمنية. المؤتمر وهو يكتسب كل تلك الصفات، كان ناجحاً في التفاعل مع القاعدة الشعبية، التي تفاعلت معه أيضاً وترسخت على أساسها، ثقة الشعب بأدائه، فتجلى ذلك في اتساع قاعدة الانتماء التنظيمي إليه، مع كل مرحلة من مراحل التطور السياسي التي قادها المؤتمر بحنكة قيادته السياسية وبالأداء المتميز لقياداته وكوادره من مختلف المستويات، وبالإنجازات الوطنية الخالدة وفي مقدمتها الوحدة اليمنية والنهج الديمقراطي التعددي، ليصبح المؤتمر أكبر التنظيمات السياسية من حيث حجم القاعدة التنظيمية له والتي تجاوزت المليوني عضو عامل من مختلف محافظات الجمهورية. وكأي حزب سياسي، قد تفرز الأوضاع والتطورات صعوبات تحول دون تمكنه من تحقيق كل ما يطمح إلى تحقيقه، وعليه فإن ما يمكن الحديث عنه هنا هو صعوبات واجهها المؤتمر وهو ينهض بمهمة قيادة الوطن بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا يمكن اعتبارها إخفاقات قياساً بالنجاحات الكبيرة التي حققها. إن النجاحات التي حققها المؤتمر الشعبي خلال مسيرته الحافلة، قد توجت بالوحدة اليمنية وبالنهج الديمقراطي التعددي، و مفردات هذا النجاح عديدة، أبرزها أن المؤتمر نجح بصيغته الوسطية وبروحه الديمقراطية وبدليله النظري المجمع عليه، أن يؤسس تجربة يمنية خالصة من العمل السياسي، وأن يهيئ البلاد لمرحلة جديد من العمل السياسي بصيغتها التعددية بعد تحقيق الوحدة. لقد كان بحق مدرسة وطنية، لم تتوقف على التأهيل السياسي والتنظيمي ولكنها، استطاعت أن تضع الأولويات الوطنية أساساً لاهتمامات و نشاط كل القوى السياسية، الأمر الذي أدى إلى هذا المستوى من التوازن في علاقات التنظيمات السياسية ببعضها، وفي تحرير المناخ السياسي من التجاذبات الحادة التي كانت تغذيها أيديولوجيات وأولويات وأهداف وافدة. وإن أكبر دليل على نجاحه، هو الإجماع الشعبي حوله، والذي تجسد في الانتخابات الرئاسية النيابية والمحلية، والتي وضعته في صدارة الأحزاب ، متمعاً بأغلبية على مستوى البرلمان والسلطة المحلية. س3: كيف تقرؤون دور العوامل الأربعة التالية في تأسيس واستمرارية المؤتمر؟: أ- دور الرئيس علي عبد الله صالح. ب-ارتباط نشأة المؤتمر بمعطيات وثوابت وطنية. ج-مشاركة مختلف القوى السياسية في عملية التأسيس. د-عملية ا لتبادل السلمي للسلطة. ج3: أ-سبق وأن أشرت إلى الصلة الوثيقة بين المؤتمر الشعبي العام وصيغته النظرية الميثاق الوطني كنتاج للتوجه الذي استجابت فيه البلاد للتحديات الماثلة والناجمة عن غياب بديل نظري للعمل السياسي، وبين شخصية الأخ الرئيس الذي تولى مقاليد الأمور في البلاد وفق المبدأ الديمقراطي وعلى أساس من الإجماع الذي جسده انتخاب مجلس الشعب لفخامته رئيساً للبلاد. لقد مثلت شخصية الأخ الرئيس عاملاً أساسياً في الوصول إلى هذه الصيغة من النهج السياسي القائم على مبدأي الديمقراطية والوسطية، والمعبر عنها بالمؤتمر الشعبي العام، وكان لمهاراته القيادية، وحنكته السياسية أثرهما، في إرساء هذا النهج، وفي بث الروح في المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي وطني جامع ورائد. ومن حجم الثقة الجماهيرية الكبيرة بفخامته، اكتسب المؤتمر بعده الجماهيري، وعلى أساساها اتسعت القاعدة الشعبية بالمؤتمر وبجدارته في قيادة العمل الوطني في مراحل صعبة من تاريخ اليمن المعاصر. والرئيس علي عبد الله صالح، هو زعيم وطني وقائد من طراز القادة أصحاب التأثير والقادرين على صنع التحولات، وهو صمام أمان الوطن، بهذا القدر من الالتفاف الجماهيري الواسع حول قيادته، والذي تجلى في حجم التصويت بالثقة به رئيساً وبالمؤتمر الشعبي العام الذي يتولى قيادته التاريخية، من خلال دورات الانتخابات الرئاسية والمحلية والنيابية والمحلية التي شهدتها البلاد خلا الفترة الماضية. ب-سبق وأن قلت أن المؤتمر انبثق من جملة إرهاصات، كادت تأثيراتها أن تأتي على المبادئ التي قامت من أجلها الثورة والأسس التي يقوم عليها النظام الجمهوري. ولهذا جاء المؤتمر استجابة لحاجة وطنية ملحة، تنتصر لمبادئ الثورة النظام الجمهوري، وتضفي على العمل السياسي أبعاده وأولوياته الوطنية،وتولد أيضاً عن عملية حوار وطنية واسعة، وإجماع شعبي كبير، وكل ذلك ساهم بقوة في هذا المستوى من الحضور الذي يحققه المؤتمر على المستوى الوطني والشعبية والثقة الواسعتين اللتين يحظى بهما. وستظل تلك العوامل مصدر قوة كبيرة لاستمرار المؤتمر وحضوره وفي قدرته على المنافسة واحتلال موقع الصدارة في المشهد السياسي لليمن. ج-نعم المؤتمر هو حصيلة إجماع وطني، وصيغته النظرية، الميثاق الوطني، كانت خلاصة فكر وطني مجمع عليه من قبل كل القوى والتيارات السياسية التي شاركت في صياغته، وهو ما عزز نهج الوسطية التي ستظل محل تقدير واهتمام وعامل هام من عوامل ترسيخ القناعات حتى لدى أولئك الذين اختاروا العمل السياسي من خارجه أو في إطار أحزاب سياسية أخرى. د-المؤتمر الشعبي العام، عبر عن إيمانه العميق بمبدأ التداول السلمي للسلطة، وكان صاحب دور محوري في إرساء النهج الديمقراطي التعددي الذي يقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة، والمعبر عنه بالانتخابات الحرة والمباشرة. وعبر المؤتمر عن هذا النهج في إطاره التنظيمي، من خلال التغييرات التي كان يجريها عبر مختلف مستوياته التنظيمية والقيادية، وهذا بحد ذاته تعبيرٌ عن مبدأ انتقال السلطة . وحينما خاض أول انتخابات نيابية عام 1993م، كان يعبر عن إيمانه بهذا المبدأ ويقبل بنتائج الانتخابات التي تعتبر كما قلت، آلية تجسيد هذا المبدأ وهي فقط التي تحسم من يريده الشعب حاكماً له. ليس هناك أدنى شك في إيمان المؤتمر بهذا المبدأ، وهذا هو الذي جعله يحصل على هذا القدر من التأييد والثقة، ويتمتع أكثر من غيره من الأحزاب والتنظيمات السياسية ، ويحظى بالتالي بفرصة الاستمرار في حكم البلاد على أساس من هذه الثقة والتفويض الشعبيين. س4: من بين مؤسسي المؤتمر شخصيات انضمت بعد الوحدة إلى أحزاب أخرى، والبعض أنشأ أحزاب جديدة.. كيف تقرؤون مواقفهم من المؤتمر اليوم؟، وما مدى التزامهم بالنهج الذي شاركوا في رسمه قبل ربع قرن؟ ج4: ما يمكن أن نلحظه من مجمل المواقف التي تعبر عنها شخصيات ساهمت في تأسيس المؤتمر وفي صياغة نهجه النظري، أن هذه الشخصيات،لا تظهر في مواقفها ما يدل على أنها في موقع الخصومة مع المضمون الفكري والنهج الوسطي للمؤتمر، وإنما تناقش في تفاصيل إجرائية، تدخل في سياق الطبيعي من المواقف الحزبية لتلك الشخصيات وأحزابها. اليمن ينعم بتعددية سياسية، والسجالات التي تنشأ بين الاحزاب وتصل أحياناً إلى حد المواجهة، هي نتاج لهذا المناخ من الديمقراطية والحريات العامة، ونحن في المؤتمر ننظر إلى تلك المواقف والسجالات الحادة أحياناً بأنها نوع من المنافسة، وبالتالي فإن ما تعبر عنه شخصيات كانت جزء من المؤتمر، إنما يأتي في إطار المنافسة التي تفرضها اللعبة السياسية والسعي إلى استمالة الناخبين. س5: كان البعض يعتقد أن التعددية السياسية ستشكل عامل ضعف للمؤتمر الشعبي العام بسبب خروج الكثير من ا لقوى السياسية من عباءته والانضمام إلى أحزابها..كيف تحولت التعددية إلى عامل قوة للمؤتمر؟. ج5: هذا ضرب من التقييم الخاطئ انزلق إليه البعض للأسف، وهذا البعض ربما أخذته نشوة التحول إلى العمل العلني في إطار أحزاب كانوا ينتمون إليها، وكانوا يعتقدون أن أحزابهم تمتلك تجربة تنظيمية أفضل. وقد خدعوا، لأنهم لم يأخذوا بالحسبان عوامل القوة التي تميز بها المؤتمر منذ تأسيسه وأهمها، منشأه الوطني القائم على الإجماع، ونهجه الوسطي وروحه الديمقراطية، وإنجازاته الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحجم الثقة الجماهيرية الكبيرة بأدائه في مختلف المراحل. ومن هنا مثلت التعددية عامل قوة للمؤتمر لأنها خلصته من عبئ الانتماء المزدوج لكثير من الشخصيات المنتمية لأحزاب يغلب عليها الأفق الإيديولوجي الضيق، ولا تلقى اهتماماً أو تأييداً من قاعدة واسعة من الجماهير. ويكفي أن المؤتمر قد أحرز النصر في دورات الانتخابات المتلاحقة التي شهدتها البلاد.. ألا يكفي ذلك دليلاً على أن المؤتمر هو المستفيد الأكبر من التعددية السياسية بما يتمتع به من عناصر قوة أهلته لنيل هذه الثقة الجماهيرية الغالية؟. س6:تبنى المؤتمر مفهوم التعدد المنابري قبل الوحدة.. إلى أي مدى أسهم ذلك ا لمفهوم في التمهيد للتعدد السياسي في اليمن؟. ج6: كان المؤتمر قبل الوحدة بمثابة مظلة واسعة لنشاط مختلف القوى والتيارات السياسية، وفق الدليل النظري، الميثاق الوطني، والمبادئ التي اشتمل عليها، ولكن ذلك لم يكن ليمنع من تعدد الطيف السياسي والفكري داخل المؤتمر، ومن نشوء منابر متعددة تعمل تحت المظلة نفسها. ولكنني أعتقد أن تعدد الطيف الفكري في إطار المؤتمر ليس هو الذي أسهم في التمهيد للتعددية السياسية، وإنما الذي أسهم في تهيئة البلاد لمرحلة من التعددية، هو نهج المؤتمر، هذا النهج الذي اعتمد مبدأ الديمقراطية كأهم المبادئ في أدائه. والديمقراطية التي اعتمدها المؤتمر في نشاطه السياسي والتنظيمي، أرست ثقافة سياسية على المستوى النخبوي وعلى المستوى الشعبي أيضاً، وهذا في اعتقادي هو الذي هيأ الأرضية الوطنية للانتقال إلى مرحلة جديدة من التعددية السياسية والحزبية. س7: أكد فخامة الرئيس علي عبد الله صالح أن المؤتمر سيظل حزب الأغلبية..ما هي منطلقات التصريح برأيكم؟. ج7: الرئيس علي عبد ا لله صالح تميز على الدوام بنظرته الثاقبة، وبالواقعية السياسية، وبالتناول الموضوعي للقضايا، وحينما أكد جدارة المؤتمر باعتباره حزب الأغلبية، فإنه إنما خلص إلى ذلك من استقراء للواقع، لأن العوامل التي سبق الإشارة إليها، والتي أكسبته هذا الزخم الكبير من التأييد الجماهيري هي التي ستمنحه فرصة تصدر المشهد السياسي. لقد خَبَر الشعبُ اليمني حكمَ الأحزاب الموجودة على الساحة، وتبين له أن تلك الأحزاب، تفتقر إلى المنهجية وإلى الرؤية السليمة اللتين تؤهلان هذه الأحزاب لتقديم بدائل برامجية جديرة بالثقة. المؤتمر هو الأقدر على صياغة وتقديم برامج تستجيب لتطلعات واهتمام الشعب اليمني، ولنا في برنامج فخامة الأخ الرئيس الانتخابي أفضل مثال على مقدرة المؤتمر على التجدد والاستجابة لمتطلبات والواقع ، والقدرة على تنفيذ ما يقترحه ويعد به من خلال برامجه. ولهذا اكتسب برنامج الأخ الرئيس الانتخابي صيغة البرنامج الوطني، الذي لم تتعزز به ثقة الشعب فقط، ولكن ثقة شركاء اليمن الإقليميين والدوليين الذين أظهروا اهتماماً كبيراً بالبرنامج وسارعوا إلى دعمه من خلال دعمهم لخطة التنمية الخمسية الثانية. إذا كل تلك الاعتبارات هي التي انطلق منها فخامة الأخ الرئيس في تأكيد ريادة المؤتمر وأحقيته في حيازة الأغلبية. س8: رفع المؤتمر الشعبي العام شعاراً دائماً( لا حرية بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية بدون حماية ولا حماية بدون تطبيق سيادة القانون).. كيف جسد المؤتمر هذا الشعار في مسيرته خلال ربع قرن؟. ج8: لم يكن ذلك شعاراً وإنما مبدأ أساسياً من مبادئ المؤتمر وجوهراً أساسياً في الصيغة النظرية وبرنامج العمل الوطني الذي عبر عنه، الميثاق الوطني. المؤتمر كان صادقاً في التزامه بهذا المبدأ، وهذا التحول الجذري في الواقع السياسي للبلاد، إنما هو تجسيد واقعي لإيمان المؤتمر بالمبدأ الديمقراطي وبشرطه، الحرية، وبضمانته ،سلطة القانون. الواقع يؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن اليمن خلال ربع قرن، وبوحي من دور المؤتمر الرائد، قد أرسى دولة النظام والقانون، وأسس نظامه الديمقراطي التعددي، وحاز مكانته الدولية اللائقة على هذا الأساس. ألا تعتبر التعددية السياسية خير دليل على تحقق مبدأ الديمقراطية في حياتنا، وهذه الانتخابات التي تعقد أليست برهاناً عملياً على مصداقية هذا المبدأ، وعلى إيمان المؤتمر به قولاً وعملاً؟. س9: يحتفل المؤتمر الشعبي العام بالذكرى الفضية لتأسيسه، في الوقت الذي يجري فيه حوار مع الأحزاب.. هل تعتقدون أنه بالإمكان الخروج بصيغة وطنية توافقية جديدة في العمل السياسي على غرار الميثاق الوطني؟. ج9: المؤتمر الشعبي العام، أكثر الأحزاب والتنظيمات السياسية إيماناً بنهج الحوار، وأكثرها حرصاً على ترسيخه أسلوباً وحيداً في التعاطي مع القضايا الوطنية، واعتباره إطاراً ناظماً للعلاقة بينه وبين بقية الأحزاب. الحوار هو الضمانة الوحيدة لترسيخ أسس الشراكة في الحكم، والمؤتمر ينظر للأحزاب في المعارضة، باعتبارها الوجه الآخر للسلطة، أي شركاء في الحكم، وهذه الشراكة لا يمكن أن تتجذر إلا بالأخذ بنهج الحوار. والحوار مهم أيضاً، لتحرير الواقع السياسي من الأزمات والاحتقانات التي تأتي عادة من الفهم الخاطئ لمبدأ المنافسة في إطار التعددية السياسية، وبالتالي فإن المحصلة المفترضة للحوار الذي جرى ويجري مع الأحزاب في المرحلة الراهنة، من وجهة نظر المؤتمر، هي إرساء مناخ من الثقة بين أطراف العمل السياسي، وبين السلطة والمعارضة، والالتقاء حول الثوابت والأولويات الوطنية. وهذه المحصلة يمكن أن تتحقق من خلال ميثاق شرف للعمل السياسي، يحكم العلاقة بين الأحزاب، ويوفر مرجعية متفق عليها لحل الخلافات، بما لا يؤثر على الاستقرار السياسي ولا يتنافى مع الثوابت الوطنية والدستورية، ويُبقى في نفس الوقت المجالَ للمنافسة البرامجية بين الاحزاب، والتي تشكل جوهر العمل الحزبي في النظم الديمقراطية. س10: يرى البعض أن من بين المآخذ على المؤتمر الشعبي العام عدم التنسيق بين هيئاته الثلاث الشوروية والنيابية والتنفيذية .. ما تعليقكم على ذلك؟. ج10: هذا الطرح فيه شيء من المبالغة، ليس هناك ما يشير إلى غياب التنسيق بين الهيئات التنظيمية الثلاث للمؤتمر الشعبي العام، وإذا كان من إيجابية في هذا الطرح، فإنها تكمن في التأكيد على مسألة التنسيق . والتنسيق قائم بين الهيئات الثلاث، الشوروية والبرلمانية والتنفيذية، من خلال اللقاءات التي تجري عبر المستويات التنظيمية للمؤتمر: اللجنة الدائمة، واللجنة العامة، ومن خلال الاجتماعات التي تستدعي التطورات انعقادها بين الهيئات الثلاث. وأعود فأقول إننا بحاجة إلى تفعيل مستوى التنسيق من أجل مزيد من الفعالية التنظيمية ، ومن أجل توحيد الرؤية فيما يتصل بالإيفاء ببرنامج المؤتمر وبالتزاماته تجاه الشعب. |