المؤتمر نت – نبيل عبدالرب -
برلمانيون يتنصلون من إصلاحات الحكومة
اضطرت اليمن بعدما تكلفته حرب صيف 1994م من خسائر مادية إلى جانب قصور الموارد المحلية المستغلة عن تمويل عملية تنموية حقيقية، اضطرت إلى الدخول في اتفاقات لتكييف الاقتصاد مع كل من البنك والصندوق الدوليين، وبدأت منذ 1995م بتنفيذ التزاماتها بإصلاحات مالية وإدارية اشتملت فيما اشتملت عليه الرفع التدريجي للدعم المخصص لعدد من السلع، وهذا ما بات يعرف بالجرع السعرية.تلك الجرع التي بلغت الأربع إلى الآن مرت عبر البرلمان بصورة مباشرة عبر الموافقة على برنامج الإصلاحات، وبصورة غير مباشرة من خلال الموافقة على برامج الحكومات المتعاقبة.
وفي 22 سبتمبر الماضي تقدمت الحكومة برئاسة عبدالقادر باجمال لمجلسي النواب والشورى بحزمة جديدة من الإصلاحات المالية والإدارية احتوت رفع الدعم عن المشتقات النفطية ما أشعل أزمة بين الطرفين.
الحكومة تعتقد بأن الإصلاحات حققت نتائج اقتصادية إيجابية وأنقذت البلاد من كارثة، والمضي فيها يعد طوق النجاة للاقتصاد اليمني، وفي الضفة الأخرى يرى أغلب النواب والشورى أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية انحرف عن أهدافه، وأهملت الحكومات المتعاقبة شقه الإداري ما أدى إلى انصباب المبالغ المتوفرة من الإصلاح المالي إلى رفد مستنقعات الفساد والتأثير سلبيا على الحياة المعيشية للمواطنين.
" المؤتمر نت" سبق له نشر كلمة رئيس الوزراء المقدمة لمجلسي النواب والشورى لحزمة الإصلاحات الجديدة كممثلة لرؤية الحكومة، ويتابع في هذا الاستطلاع تقصيه لرأي عدد من البرلمانيين سواء من المنتمين للمؤتمر الشعبي العام الحاكم أو لأحزاب معارضة، خارجاً بالحصيلة التالية.

المؤتمر قاد الرفض

النائب المؤتمري علي عبدالله أبو حليقة يؤكد أن برنامج الإصلاحات المالية والإدارية مر عبر البرلمان في عام 94م مستدركا أن الموافقة عليه كانت مشروطة بأن تسير هذه الإصلاحات بشقيها كمنظومة واحدة لا برجل واحدة كما فعلت. ويقول أن هناك بعض الجهات تتجه لتعميق الفساد وتأصيله في المجتمع منبهاً إلى ما أسماه كارثة في حالة استمرار الحكومة في رفع الدعم عن المشتقات النفطية المرتبطة إرتباطاً مباشراً بحياة الناس.
واعتبر أبو حليقة كلام الحكومة المتعلق بالإصلاحات الإدارية إنشائيا في معظمه، متوقعا لقاء الكتلة البرلمانية للمؤتمر مع الحكومة عقب إجازة عيد الفطر لتصويب وتحديد الاتجاهات بما يخدم الوطن، وأوضح أن الإصلاحات ستمر إذا تضمنت إصلاحات إدارية وقدمت الحكومة المتهمين بالفساد إلى العدالة.
وبرر رفض الكثير من أعضاء كتلة المؤتمر للجرعة السعرية بالقول: أن كتلة المؤتمر قادت حملة الرفض رغم أن الحكومة هي حكومة مؤتمر بما يتوافق مع المواقف الوطنية للمؤتمر على مر تاريخه الطويل، وفقا لأبوحليقة.
دعم غير حقيقي
ويقول النائب الإصلاحي عبدالكريم شيبان أن موقف البرلمان كان واضحا في رفض الجرعة مستدركا بأن الحكومة لو تقدمت بإصلاحات حقيقية لكان مجلس النواب، وافق كونه والحكومة يتعاونان على مصلحة البلد.
ويركز شيبان في انتقاده مبررات الحكومة لرفع أسعار المشتقات النفطية على التشكيك في رقم دعم الديزل الذي ذكرت أنه يتوقع بلوغه 150 مليار مع نهاية العام الحالي 2004م ويقول : أن الحكومة لو أتت بحجم الدعم الحقيقي لأمكن أن نأخذ ونعطي معها ونبحث عن بدائل أخرى للمواطن، لكن هذا المبلغ غير حقيقي وغير واقعي، معرجا على الأضرار التي يمكن أن تحدثها الجرعة على الجوانب الزراعية والصناعية ووسائل النقل والحياة المعيشية للناس. ويشير إلى أن دولا كمصر موقعة على اتفاقات للإصلاحات الاقتصادية مع البنك والصندوق الدوليين إلا أنها مازالت تدعم وسائل النقل.
لا إحتمال لأعباء جديدة
أما النائب المؤتمري عبدالكريم جدبان فيصف موقف البرلمان بأنه قوي جدا من قبل كل أطيافه السياسية سواء في المؤتمر أو المعارضة والذين شكلوا موقفا واحدا ضد الجرعة الجديدة منطلقين من وضع المواطن الذي لا يتحمل أعباء جديدة، على حد قوله. منوها بالموقف المشرف لرئيس الجمهورية الداعم للمواقف التي تحافظ على حقوق المواطن وترأف به.
ويحث جدبان الحكومة على البحث عن مصادر أخرى لرفد الخزينة العامة للدولة كالاستغلال الأمثل لثروات البلد خصوصا الثروة السمكية إلى جانب محاربة الفساد وتقديم المفسدين للعدالة.
رفد الفساد
ويوافقه النائب الناصري سلطان العتواني في ضرورة البحث عن بدائل للجرع مطالبا الحكومة بإصلاحات حقيقية للحد من الفساد وإهدار الموارد والمال العام حتى لا تصب الإصلاحات السعرية في رفد الفساد مع عدم اقتراب الحكومة من الإصلاحات الإدارية، ولكي لا تصبح إصلاحات لا أساس لها وتنعكس سلبا على التنمية والمستوى المعيشي للمواطنين.
ويضيف العتواني بأن تخوفات البرلمان حقيقية، فيما يشبّه تخوف الحكومة من اتخاذ المؤسسات والدول المانحة والمقرضة لإجراءات مضادة توقف المساعدات بلي الذراع، ناصحا الحكومة بالخوف من تردي الأوضاع ويرى أن القروض والمساعدات هي عبء إضافي على كاهل الشعب وليست حلا سيما وأن معظمها تذهب إلى جيوب الفاسدين، على حد تعبيره واتهم من أسماهم كبار رجالات البلد وعلى رأسهم رجال الحكومة بامتلاك شركات صورية بأسماء أقارب لهم تعبث ببعض الموارد، داعيا الحكومة أن تكون حريصة على الشعب لأنها مسئولة عنه ومؤتمنة على موارده وثرواته.
التبعية للشعب
النائب المؤتمري خالد العنسي لا يعتبر الجرعة حلا، ولا ينبغي تحميل المواطن أخطاء الحكومة، مرجعا المشكلة الاقتصادية للبلد إلى فشل الحكومة لا عجز الموارد.
وبخصوص موافقة البرلمان كمؤسسة على برنامج الإصلاحات الاقتصادية منذ بدايته ومرور برامجها عبره، يقول العنسي أن البرلمان وافق بشروط، وكون الحكومة ملتزمة باتفاقات دولية فهذا شأنها، مضيفا: أنا أمثل شعب، وكل المؤتمريين وقفوا ضد الجرعة، ولا يعني كوني مؤتمريا أن أصير تابعا للحكومة.
التنصل من الحكومة
النواب أعطوا ظهرهم للحكومة وحملوها تبعات الإصلاحات الاقتصادية ومسئولياتها عن التزاماتها الدولية ، مؤكدين على أن التصويت على برنامج الحكومة كان مشروطاً بعدم تحميل المواطن أي أعباء جديدة.
ويفرق علي أبو حليقة بين برنامج الحكومة وسياستها التنفيذية قائلا: نحن متفقون على برنامج الحكومة، لكن يفترض بها ترجمة هذا البرنامج الذي منحت الثقة من أجله لكنها ظلت بمنأى عنه وحاولت أن تهرول نحو الإصلاحات السعرية.
ويخّطئ الحكومة في جوانب إجرائية مبينا أنه كان يجب عليها شرح المبررات الكافية التي دعتها إلى التوجه نحو رفع الأسعار.
من جانبه عبدالكريم شيبان يحث الحكومة على تحصيل إيراداتها الحقيقية من الضرائب والجمارك، ويرى أنه كان على الحكومة العودة إلى المؤسسات الدستورية قبل أن تورط نفسها بالتزامات دولية، منبها إلى أن الحكومة تعلم بوجود فساد في قضية دعم المشتقات النفطية، وأنها لم تكن مقتنعة في قاعة البرلمان برفع الدعم وإلا لمارست ضغوطا على النواب موضحا أنها تريد إيصال رسالة للبنك الدولي فحواها أن المؤسسات الدستورية لم توافق على حزمة الإصلاحات الجديدة حسب شيبان.


تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 02-ديسمبر-2024 الساعة: 01:50 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/15415.htm