المؤتمر نت -
نبيل عبدالرب -
رفقاً بالعدين
منذ دخول عناصر مسلحة متحالفة مع تنظيم القاعدة إلى مدينة العدين والسيطرة عليها وطرد ممثلي السلطة المحلية والأمن، وأبناء المدينة يعيشون حالة قلق وترقب لانفجار المواجهات بين الجيش والمسلحين الحوثيين المتمركزين في إب وبين القاعدة وحلفائها والتي سيكون ضحيتها الأولى هم ومدينتهم.

ربما تنشر هذه التناولة وقد اندلعت المواجهات أو نجحت مساعي لتجنيب المدينة صراعاً تحت ظلال سيوف الطائفية.
ولمن لا يعرف العدين دعني سيدي القارئ أعطي لمحة موجزة عن هذه المنطقة، ولماذا اختيرت ميداناً للنزاع المحتمل.

تشمل منطقة العدين أربع مديريات من مديريات محافظة إب وسط اليمن هي العدين، والحزم، والفرع، ومذيخرة، وتضم نحو ربع سكان المحافظة. وتتميز المنطقة بمزيج بشري يختلط فيه طابعا المدنية والقبلية، وينتسب الكثير من أبنائها إلى أسر تنتهي بعراقتها إلى ذي الكلاع الحميري، إضافة إلى وافدين منذ مئات السنين من مناطق أخرى اندمجوا بسكانها وصاروا جزءاً من نسيجها الاجتماعي والثقافي.

ومما يمتاز به أبناء المنطقة نسبة تعليم كبيرة بينهم من الجنسين وتواجد كثير منهم في أراضي الغربة خارج اليمن، وخصوصاً في بلدان الخليج العربي، غير المنتشرين في أرجاء الوطن عمالاً وتجاراً ومثقفين وإعلاميين.
وتعد المنطقة من الناحيتين الجغرافية والتاريخية جزءاً رئيسياً من أرض الكلاع التي تضم إلى جانبها الشعر والسحول وحبيش وذي السفال.
وتعتبر العدين من أهم المناطق السياحية في محافظة إب، وفي اليمن عموماً لما تمتاز به من طبيعة ساحرة وحمامات طبيعية.

ولعل أهميتها العسكرية نابعة من موقعها الجغرافي بين محافظات إب وتعز والحديدة وذمار، ووقوعها في مركز شبكة طرق بين تلك المحافظات –غير اسفلتية لذمار-، إلى جانب طبيعة تضاريس السلسلة الجبلية وكثرة القمم والوديان التي تتخللها، ما يجعلها عسكرياً مهمة لناحية خطوط الإمداد وكمركز تموين وإثارة مشاكل أمنية في المحافظات الأربع، إضافة لصعوبة المعارك بالأخص للطرف المهاجم.

تلك هي العدين لمن أراد النظر إليها من خارجها، أما العدين بنظر أبنائها فلها قصة أخرى بعيونهم تلخصها مدينة العدين بسكانها من مختلف مديرياتها وقراها، قصة فيها من الجمال والبساطة ما يخفي وراءها عظم قلق لا يدركه إلا أبناؤها على مدينتهم. قصة يرويها طيف مجالس الذِكر في منزل السيد حسن زيد المساوى، وصيحات سيدنا غالب المرعبة للتلاميذ والمعلمين على حد سواء، وعصا الأستاذ الفقيه قاسم الشرقي، وبُن قايد ناجي، ونعناع الحاج قايد البريد، ومزحات محمد مثنى عبده، وتسبيح محمد يوسف، وأهازيج مصطفى بن علي، وصيدليات الرفاعي ومحمد سعيد ومقبل علي. رحمهم الله جميعاً.

ونعبر زمان الذكريات لوقتنا الحاضر لتناول فنجان شاي في قهوة عبده بن علي وأقراص زلابيا علي دبوان، ونستمع لطُرف قايد محسن في خطبة الجمعة، ونصحو بعد فجر كل يوم على الزمارة المتميزة منذ ربع قرن لسيارة محمد علي صالح (القرموص)، ونعجب بتوبة شيخ "الطيارين" صادق البيزم.

حكاية طويلة الأسماء والأماكن والأوصاف على بساطتها البادية تروي في عيون أبنائها أروع قصة لمدينة لا نريد لها أن تنتهي بطيش يضعها في كومة المحروقات، وما أكثرها في هذا الوطن، ويحول بيوتها وأزقتها إلى حطام وأثر بعد عين.

لا نريد لحكايتنا العدينية أن تنتهي أطلالاً، فقط لأن أناساً قرروا أن يخربشوا صفحات قصة لم يقرؤوها أو يعيشوها ويتوحدوا معها ويتلاشوا فيها بدموعهم وابتساماتهم، بأوجاعهم وإصرارهم على الحياة.
في الختام، من أبناء العدين من لا تسعفه حالته حتى على النزوح، وبهم نناشد الخصماء والعقلاء أن يجنبوا أهلها حرباً لا راية لهم فيها ولا شعار.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 02-ديسمبر-2024 الساعة: 02:58 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/119766.htm