المؤتمر كيف صمد عندما انهارت أعرق الأحزاب..؟! وقف سكان الكرة الأرضية يتابعون بانشداد واهتمام شديدين الانفجارين اللذين شهدتهما تونس ومصر عام 2011م وهز دويهما كل شعوب وحكام العالم.. لم يكن حينها الحال على ما يرام في الدول العربية وخصوصاً لدى الأحزاب الحاكمة ومنها اليمن.. ففي وسط هذه العاصفة الهوجاء تابع الجميع ليس انهيار الأنظمة في تونس ومصر وليبيا ، بل والاحزاب الحاكمة في تكرار مخيف لمشاهد سقوط بغداد واحتلالها من قبل القوات الأمريكية وحلفائها.. مع اجراء عملية تحسين للأساليب التي أتبعها بريمر في العراق، لعمليات اسقاط الأنظمة في تونس والقاهرة وطرابلس.. لقد كان المؤتمر الشعبي العام يعيش وضعاً داخلياً وخارجياً أكثر تعقيداً ويواجه نفس الضراوة والوحشية التي أتبعها (الاخوان) المدعومرن امريكيا بهدف اسقاط النظام وربما كان سيناريو العنف أكثر من بقية تلك الدول لكون اليمن تمثل نقطة استراتيجية مهمة لضمان تمدد الاخوان بهدف تتضييق الخناق على دول الخليج وتحديداً على المملكة العربية السعودية التي يسعون جاهدين لإسقاطها والسيطرة على ثرواتها خلافاً لما تمثله من بعد ديني في قلوب المسلمين. بيد أن قيادة واعضاء المؤتمر الشعبي العام وحلفائه ومعهم جماهير الشعب اليمني الشرفاء تصدوا بحكمة ودهاء سياسي فريد لمؤامرة الربيع العبري، وجنبوا اليمن السقوط في الحرب الأهلية والصراع الطائفي بفضل تلك التنازلات التي قدمها الزعيم علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام لإخراج البلاد من الأزمة. لقد استطاعت قيادة المؤتمر أن تدير الازمة وتقود بفن اطرافها الهمج الى المربعات التي تريد ويكفي قيادة المؤتمر فخراً انهم رغم بشاعة المؤامرة استطاعوا ان يحافظوا على اليمن والتنظيم ونصف الحكم ايضا في الوقت الذي كانت تتساقط الأنظمة الاكثر قوة ومالاً وتتهاوى أحزاب عريقة أمام أعين الجميع بطريقة دراماتيكية مخيفة، وصار حل الأحزاب الحاكمة واجتثاث أعضائها من كل مرافق الدولة هدفاً من أهداف ثورتهم المزعومة. لم ترتجف قيادة المؤتمر من هول النهايات المأساوية لحكام وأحزاب حاكمة في ليبيا ومصر وتونس.. بل أدركت أنه لابد من الأخذ بزمام المبادرة ومنها ما جاء في خطاب الزعيم علي عبدالله صالح في ميدان 22 مايو 2011م ومن ثم بتكليف فريق مؤتمري لإعداد المبادرة وتسليمه للأشقاء في دول الخليج لتبنيها وليس هذا فحسب بل و وضع الآلية التنفذية لها. لقد مثلت الادارة الواعية للأزمة السياسية، والمبادرات باقتراح المعالجات والحلول الجريئة والشجاعة وكذلك القبول بالاشتراطات المجحفة والتعجيزية رسالة تأكيد على متانة الوحدة الداخلية في قيادة المؤتمر الشعبي العام سواء مع احزاب التحالف من جهة وقواعدهم وانصارهم وجماهير الشعب من جهة ثانية. وبلغ الايثار والتضحية أعلى درجاته عندما اقترح الزعيم علي عبدالله صالح التنازل عن حقه الدستوري وترك رئاسة الجمهورية وتسليم السلطة سلمياً حفاظاً على أمن واستقرار اليمن، ليؤكد بذلك أن الدم اليمني مقدس وأعظم وأغلى من كل المناصب. هذا القرار التاريخي الشجاع نوقش مثلما تم مناقشة المبادرة مادة مادة وآليتها أيضاً من مختلف الجوانب داخل قيادة المؤتمر واحزاب التحالف ومع المختصين أيضاً.. ولقد أظهرت الدروس المستفادة من الأزمة أن تجاوز الأخطار المحدقة يعود الفضل في ذلك بعد الله سبحانه وتعالى الى المؤتمر والتي جسدت الممارسة الديمقراطية وتقبل الآراء والتعامل مع المشاكل بواقعية وعلمية ، مع الاستشعار الصادق للمسئولية الوطنية والدينية والانسانية وتجاه حاضر البلاد ومستقبل الاجيال.. لذا كانت قرارات المؤتمر تؤكد قولاً وعملاً حرص المؤتمر الشعبي العام على مصلحة الوطن والشعب اليمني وليس فيها ما يمكن أن يشير الى تمسك قيادة المؤتمر بمصلحة حزبية أو مصالح شخصية. بعد الجريمة الارهابية التي استهدفت حياة رئيس الجمهورية وكبار قيادة الدولة والمؤتمر في مسجد الرئاسة بتاريخ 3 يونيو2011م واجهت قيادة المؤتمر اخطر تحدٍ تاريخي حيث اصبح امام من سلموا من تلك المذبحة من قيادة المؤتمر وخصوصا النائب الاول لرئيس المؤتمر الامين العام الأخ عبدربه منصور هادي والنائب الثاني الدكتور عبدالكريم الارياني والامناء العامون المساعدون واعضاء اللجنة العامة الا ان يتحملوا مسؤليتهم الوطنية والتنظيمية في احرج مرحلة ، ولقد اثبتوا انهم اهلا لذلك والتفت حولهم جماهير الشعب وخرجوا الى الساحات والميادين وتوزعوا الادوار حتى على مستوى إلقاء الكلمات في ميدان السبعين عقب كل صلاة جمعة.. وفي ذات الوقت قادوا بشكل جماعي مهاماً وطنية جسيمة، ولم تسمح -اللجنة العامة وقيادة احزاب التحالف الذين ظلوا قوة موحدة- للمغامرين والمتطرفين أن يجروا اليمن الى حرب أهلية. اليوم تتجلى أمام الجميع الصورة الأروع لقيادة المؤتمر الشعبي العام الذين صمدوا كجسد واحد في أشد واخطر المراحل.. إنهم هم الذين يقفون في مقدمة الصفوف للانتصار لقضايا الوطن والشعب واخراج البلاد من الأزمة والانطلاق صفاً واحداً لاستكمال بناء الدولة المدنية الحديثة. |