بالأدلة: أزمة الكهرباء مفتعلة بسبب سفر الرئيس هادي تستهلك صنعاء من الكهرباء حالياً بين 320 و340 ميجاوات حسب البيانات الحكومية الرسمية ويرتفع الطلب على الطاقة في الشتاء الى ذروته بحدود 420 ميجاوات. قبل عام وشهور -في ذروة انطفاء الكهرباء عن العاصمة لأكثر من 18 ساعة- قلت إن الأزمة مفتعلة وقدمت، بلغة الأرقام، أدلة احتفى بها إعلام المشترك والثورة أيما احتفاء لإدانة الرئيس السابق ونظامه. واليوم أقول جازماً: إن انقطاع الكهرباء خلال الأيام الماضية مفتعل من الحكومة شجعها سفر الرئيس هادي. والأدلة التي احتفى بها إعلام المشترك والثورة بالأمس سيتجاهلها قطعاً اليوم كأمارة محبطة على رداءة الزمن وانحلال الأخلاق. كانت أحزاب اللقاء المشترك تشكك، قبل تشكيل حكومة الوفاق، في صحة بيانات استهلاك صنعاء من الطاقة متهمة "وزارة كهرباء العائلة" بافتعال الأزمة وتضخيم أرقام الاستهلاك. اليوم صارت البيانات حقيقية. وحده كان النظام العائلي بالأمس المتهم. اليوم طرأ تغيير لفظي على المتهم: "بقايا العائلة" لا النظام العائلي. كانت الأزمة مفتعلة في السابق والهدف منها "العقاب الجماعي للشعب المطالب بالتغيير". اليوم تبدل توصيف إعلام المشترك للأزمة وهدفها. فالأزمة حقيقية وليست مفتعلة. والفاعل ليس وزارة الكهرباء -كما في السابق- بل"مخربو العائلة" والهدف ليس العقاب الجماعي وإنما إفشال حكومة الوفاق". هراء في هراء! تردد وزارة الكهرباء "الثورية" نفس الأعذار التي كانت ترددها من قبل "وزارة كهرباء العائلة" حسب تعبير قناة سهيل. تقول: "إن انقطاع التيار الكهربائي عن العاصمة ناتج عن ضرب خطوط الضغط العالي لمحطة مأرب". والسؤال البديهي الذي طرحته وقتها على عوض السقطري وأعيد طرحه اليوم على الوزير صالح سميع: هل تعتمد العاصمة على محطة مأرب بشكل حصري 100%؟ في الحقيقة لا. توليد الكهرباء في اليمن كلها وليس صنعاء فحسب كان منحصراً حتى آخر يوم من سنة 2009 على محطات الديزل والمازوت بتكاليف تشغيلهما الباهظة. وبخلاف ما هو شائع لم يبدأ التشغيل التجريبي لمحطة مأرب إلا نهاية يناير 2010م بـ250 ميجاوات فقط ولم تتسلم المولد الثالث تجارياً ويدخل الخدمة إلا في مايو 2010م بالتزامن مع الاحتفالات. وبالتالي فإن عُمر اعتماد العاصمة على محطة مأرب هو سنتان وضع شهور فقط. هذه النتيجة المحسومة تؤدي إلى سؤال أكثر بديهية من سابقه هو: من أين كانت تغذى صنعاء بالكهرباء قبل دخول المحطة الغازية الخدمة؟ ببساطة كانت صنعاء تعتمد على 6 محطات كهربائية تعمل بالديزل والمازوت أيضاً، ومن محطتين خارج صنعاء. إن محطات حزيز وذهبان والقاع تنتج مجتمعة، قبل دخول محطة مأرب، نصف أو 40% من حاجة صنعاء من الكهرباء وبوسعها إضاءة العاصمة بين 11 ساعة على الأقل إلى 13 ساعة بينما وصلت ساعات الإطفاء في الأيام الماضية إلى 18 ساعة تماماً كالستة الأشهر التي تلت تفجير النهدين وسفر الرئيس صالح ومعاونيه إلى السعودية. والمحطات كالتالي: 1 محطة ذهبان1 1980 ديزل 12 ميجاوات 10 ميجاوات 4 مولدات تعمل و1 خارج الخدمة 2 محطة ذهبان2 2000 ديزل 25 ميجاوات 12 ميجاوات 5 مولدات 2 منها خارج الخدمة 3 محطة حزيز1 2003 ديزل 30 ميجاوات 30 ميجاوات 6 مولدات تعمل كلها 4 محطة حزيز2 2004 ديزل 70 ميجاوات 54 ميجاوات 7 مولدات 1 منها خارج الخدمة 5 محطة حزيز3 2007 ديزل 30 ميجاوات 30 ميجاوات 3 مولدات تعمل كلها 6 محطة القاع 1972م 2004 ديزل 13 ميجاوات 10.5 ميجاوات 4 مولدات أحدها خارج الخدمة 146.5 ميجاوات إجمالي الناتج و 31.5 ميجاوات إجمالي الفاقد عدا ذلك، وبالإضافة إلى محطات صنعاء في الجدول، قلة من الناس تعرف أنه تم إنشاء محطتا رأس كثيب عام 81م والمخا عام 85م على أساس تغذية مناطق صنعاء وتعز والحديدة وإب وذمار ويريم وباجل ومعبر بالكهرباء. وفي السنوات الأخيرة كانت وزارة الكهرباء تقوم بتغذية بعض مناطق صنعاء من هاتين المحطتين تحديداً كلما استدعى الأمر في العاصمة وزاد الطلب على الطاقة. فور سفر الرئيس هادي تم إيقاف هذه المحطات كما سيتم تشغيلها على الأرجح فور عودته. لا مصلحة، ولا فائدة، لحكومة الوفاق من انقطاع الكهرباء. على العكس: هي أول المتضررين بينما المستفيد الوحيد هم المنشقين من أركان النظام السابق: علي محسن وآل الأحمر. يراد من انقطاع الكهرباء تذكير اليمنيين بأيام الشدة والأصابع على الزناد والجثث في شوارع الحصبة ومتارس الفرقة والحرس في قلب العاصمة بالزبيري وهائل. وقتها كان اليمنيون يطالبون برحيل صالح وها هم اليوم ساخطون من تبجح صادق الأحمر ويطالبون برحيل شريك صالح ونصفه الآخر اللواء علي محسن الأحمر لا من الحياة السياسية وإنما فقط من جامعة صنعاء. أشعر بالرعب حين أفكر ما الذي سيفعله الجنرال علي محسن لو طالب اليمنيون برحيله لا من جامعة صنعاء فحسب وإنما من حياتنا التي جثم عليها 33 عاماً بوصفه الرجل الأول في نظام صالح كما هو اليوم. * نقلا عن نيوز يمن |