مَنْ زُيِّنَ لَهُمَ سُوء عَمَلِهِمْ قال الله تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ صدق الله العظيم. الحادثة الإرهابية الغادرة التي وقعت نهار الجمعة الماضية والناس صيام و أدت إلى استشهاد عدد من الجنود الذين كانوا يقومون بواجباتهم الدستورية في حفظ الأمن والسكينة العامة في لودر بمحافظة أبين، واحدة من أسوأ صور الانحطاط والإفلاس التي وصلت اليه هذه العناصر التي لم تعد ترقب في المؤمنين إلا ولا ذمة وتحت يافطة الدين وعباءته. كنا في وقت سابق نتحدث ويفتي علماؤنا بعدم جواز قتل المعاهد الذمي الذي دخل إلى البلاد وفق وثائق ثبوتية تتعلق بالإقامة والسفر والعمل واعتبارهم في حماية الدولة وضيافة المجتمع، فما بالنا اليوم ونحن نشهد العمليات الإرهابية تلو الأخرى التي باتت تستهدف الدولة المعنية بإدارة وتنظيم الشؤون الحياتية والأمن والاستقرار والطمأنينة والسكينة العامة للمسلمين الموحدين في هذا القطر الإسلامي العتيق الذي قال عنه الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم : جاءكم أهل اليمن وهم أرق قلوبا وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية. في هذا الشهر الفضيل ينتشر في الجولات وفي أماكن التجمعات وأمام المساجد باعة الأشرطة القرآنية والأحاديث والخطب الدينية لمشايخنا الأجلاء، وعادة ما أحبذ اقتناء عدد من خطب سيد كشك رحمة الله عليه ـ على الرغم من قدمها ـ إلا أنها إضافة إلى الفضائل والقيم التي تتناولها فإنها تسجل أيضا وقائع وشواهد من فترة ثمانينيات وسبعينيات القرن الماضي على وجه الخصوص. ومن ضمن هذه الأشرطة، خطبة كاملة مخصصة لموضوع الجهاد ضد الشيوعية بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان، ومع ما للخطبة من شعور ديني وغيرة إسلامية منطقية على بلد إسلامي تعرض للعدوان والغزو وكان الشيء الطبيعي أن يهب المسلمون وعلماؤهم وحكامهم إلى اتخاذ موقف وخطوات تظهر أنه ما زال للإسلام رجاله وما زال للعقيدة حماتها، فإن التعبئة الدينية والشحن الحماسي لمثل تلك الخطب كان لها مفعول السحر وهو كان أقوى من كل الآليات والمعدات العسكرية وكان أن تلك الخطابات على براءتها وحسن نوايا أصحابها، تم استغلالها للأسف الشديد أسوأ استغلال من قبل بعض القوى الغربية التي كانت تصفي حساباتها مع الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشيوعي في زمن الحرب الباردة. وللأسف الشديد أيضا أن من كانوا يسمون بالمجاهدين وبدلا من أن يتحولوا بعد أفغانستان إلى قلب مشكلات العالم الإسلامي فلسطين المغتصبة والاحتلال الإسرائيلي ويثبتوا حقا أن القدس أولى بالجهاد من كابول وأن المسجد الأقصى الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين أحق بكثير من قندهار وجلال أباد .. وأن يجسدوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله، وهم في رباط إلى يوم الدين قالوا يا رسول الله وأين هم.. قال هم ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس أو كما قال.. بدلا من ذلك عاد هؤلاء وكأن هناك من رسم لهم خطتهم وتوجههم من وحي حقده على بلدان الإسلام وشعوبها عادوا إلى أوطانهم لإشعال الفتنة والحرب على تماسكها وتلاحمها وأمنها واستقرارها وعلى فضائل التسامح والاعتدال التي يجسدها أبناء جلدتهم من وحي وهدي التعاليم الإسلامية. والطقم الذي تعرض له كمين الإرهابيين الغادر في أبين لم يكن دورية إسرائيلية، وإنما كان فيها محمد وأحمد ومحمود وسيف الدين وصلاح الدين ..الخ من شبابنا المسلمين الموحدين الصائمين الذين هجروا الراحة ومتعة المكوث بين الأهل والأقارب التزاما بواجباتهم ومهامهم في حفظ الأمن والاستقرار .. وما على علمائنا وشيوخنا الأجلاء إلا أن يكسروا الصمت ويصدعوا بالحق ويبينوا للناس حقيقة دينهم وحقيقة خوارج هذا الزمن الذين كثير منهم إبتعثتهم دولهم الإسلامية لدراسة الطب والهندسة وتكنولوجيا العصر ليعودوا قادة تطور ورجال حضارة إسلامية جديدة، غير أنهم وقعوا في فخ نصبه لهم أعداء الأمة الإسلامية والحاقدون عليها وزجوا بهم لحرب أوطانهم للأسف الشديد بإسم هذا الدين الحنيف |