اكتشاف علمي يفتح الباب لاستعادة الماضي لست في حاجة الى ان يكون لك مخ لتتذكر !! فالنباتات يمكنها ان تتذكر انها قد خبرت فصل الشتاء وخلايا الخمائر المولودة حديثا تتذكر التعليمات التي انتقلت اليها من امهاتها. وخلية الكبد تتذكر ان تبقى خلية كبد والا تتحول الى عظام .. وعلى امتداد عالم الطبيعة، كما يجد العلماء، تسجل خلايا وكائنات عضوية تجاربها وخبراتها وكلها بدون فائدة او ميزة المخ ويعتقد العلماء ان هذه الذكريات الخلاوية يمكن ان تعني فرقا واختلافا بين الحياة الصحية والموت ويتوقع العلماء ان كثيرا من الانماط او الانواع الجديدة من الذاكرات الخلاوية سيتم اكتشافها في السنوات القادمة. والهدف النهائي هو تطويرعقاقير او وسائل اخرى لاستعادة الذكريات في الخلايا التي (نسيت) كيف تكون صحية او سليمة. يقول الدكتور ايريك نيستلر رئيس قسم الطب النفسي بجامعة تكساس: ان هذا يمكن ان يوفر واحدا من اقوى السبل لعلاج المرضى. ويضيف ان علاجات اليوم ليست هي العلاجات المثلى لكثير من الامراض فهي تواجه اعراض المرض ولكن ليس السبب ان تسخير المعرفة والاستفادة منها يوفر امكانية تصحيح الشذوذ (في الخلية) حقيقة. وهناك خيط مشترك يجري خلال الانماط الخلاوية المختلفة للذاكرات كما يقول العلماء فكل الكائنات العضوية تحتاج الى رصد ومراقبة ما يجري في بيئتها. ولكي تحيا تحتاج الى استمرارية في خلاياها ويبدو ان حفر وتخزين انماط او انواع مختلفة من الذكريات مباشرة داخل الخلايا يبدو انه من حلول الطبيعة. تقول عالمة الاحياء سوزان ليندكويست : لو كانت كل خلية تتخذ قرارا جديدا ان تكون ما كانت بالامس فاننا سنخاطر بالخلايا تتخذ قرارات خاطئة. وحتى الان اكتشف العلماء طرقا عديدة تخزن بها الخلايا الذكريات. واحد هذه الطرق او الوسائل تستلزم حقن مواد كيماوية معينة في الشفرة الوراثية. ونوع اخر من الذاكرة الخلاوية يستلزم (بريونات) وهي جزيئات مماثلة لتلك التي تسبب مرض جنون البقر. والبريونات هي بروتينات تغير شكلها ثم تسبب او تجعل البروتينات الاخرى من نفس النوع تغير شكلها ايضا. وهذه تعمل كمذكرات دقيقة داخل الخلايا في جميع اجزاء الجسم ومذكرات بالمهام والاعمال القائمة. وقد اكتشفت عالمة الاحياء ليندكويست والتي هي مديرة معهد (وايتهيد للأبحاث البيوطبية في ماساشوسيتي الاميركية اكتشفت انه حتى الكائنات العضوية البسيطة والتي هي مثل الخمائر وحيدة الخلية تتذكر بالبريونات. ان البروتينات في شكلها البريوني لها وظائف مختلفة عما في شكلها الطبيعي وفي حالة مرض جنون البقر يتحول شكل البريون الى ما هو مميت ولكن في الخميرة يوجه نوع واحد من البريون الخلايا نحو تغيير شكلها الطبيعي من انتاج البروتين. وفي حوالي 20% من خلايا الخمائر يعطي هذا ميزة البقاء كما اوردت ذلك العالمة ليندكويست وزملاؤها الشهر الماضي في دورية (نيتشر) العلمية. وهذه هي الطريقة التي تأتي بها الذاكرة فعندما تنقسم خلية الخميرة الام الى قسمين لتشكل بنات جددا، يتم انتقال وتمرير الشكل البريوني للبروتين ثم عندما تنتج البنت نفس البروتينات، تدخل ايضا حالة البريونات. وجوهريا ترث البنت مذكرا (اي ما يذكر او يبقى في الذاكرة) من امها ـ وهي قواعد العمل التي تضمن ان الاجيال المستقبلية ـ يكون لها ميزة البقاء ايضا. تقول الدكتورة ليندكويست: ان هذه ذاكرة قائمة على البروتين اساسا نحن كنا لدينا خلايا في المعمل تحافظ على ذلك لسنوات .. ويمكن ان تعتمد الذاكرة الحقيقية ايضا على البريونات فذكريات مثل رقم الهاتف او وجه او اسم شخص ما هي في الواقع انماط من الاتصالات الخلاوية العصبية تكون عميقة داخل المخ، ولكن الطريقة والكيفية التي يحتفظ بها المخ بتلك الانماط تعتبر لغزا. ففي العام الماضي اكتشفت العالمة ليندكويست وزميلها الحائز على جائزة نوبل ايريك كانديل اكتشافا مدهشا: بروتين معروف بانه يقوي ويعزز الاتصالات الخلاوية العصبية يمكن ان يعمل كبريون. وتبقى البريونات داخل الخلايا لفترة اطول من جزيئات البروتين العادية، مما يجعلها مرشحة مثالية لمساعدة المخ على تخزين الذكريات ويتوقع العالمان ليندكويست وكانديل ان تساعد البريونات المخ نفسه على التذكر بمساعدة الخلايا العصبية على تذكر الاحتفاظ باتصالاتها. ويعتقد العلماء ان خلايا مخية اخرى تستخدم حيلا واساليب مختلفة لتسجيل الماضي وفي بعض الحالات لدى العلماء دليل على ان الخلايا المخية تضع محددات ومميزات في تعليماتها الوراثية لتوثيق تجاربها وخبراتها الماضية. وتعتمد كل خلية في الجسم على مجموعة من التعليمات او التوجيهات الوراثية كدليل للحياة اليومية وفي السنوات القليلة الماضية، اكتشف العلماء ان المحددات او المميزات وهي الكيماويات التي تلتصق مباشرة بالجينات او بالبروتينات التي تغلف الجينات ترسل اشارة للخلية بما اذا كانت تستخدم او لا تستخدم جينا معينا. ولذا فان المحددات والمميزات الكيماوية تساعد فعليا الخلية على تذكر اي الجينات التي تستخدمها. وقد اكتشف العالم نيستلر من جامعة تكساس ان الصدمات الكهربائية المماثلة للنوع الذي يستخدم لعلاج الاكتئاب يمكن ان تغير المحددات او المميزات الكيماوية في الجينات المخية الرئيسية في الفئران. وهذا يمكن ان يعني كما يقول ان العلاج بالصدمات الكهربائية يخفف من حدة الاكتئاب بإعطاء الخلايا المخية ذاكرة لاستخدام جيناتها بشكل مختلف. لقد تم نشر بحث نيستلر في شهر عدد يونيو من دورية (العلوم العصبية) (جورنال اوف نيوز ساينس) ويتوقع العالم نيستلر ايضا ان تكون المحددات او المميزات في الجينات هي السبب في ان امخاخ المدمنين تتذكر الرغبة الملحة والتوق الشديد الى المخدر وخلاصة القول ان العلماء يعرفون الان اكثر عن ذاكرة ليست في حاجة الى مخ فالنباتات والخمائر والخلايا في جسم الانسان يمكن (تتذكر) ما حدث ويحدث لها. والخلايا والكائنات العضوية يمكن ان تنقل وتمرر هذه الذكريات عندما تقسم او تعطي ميلادا لاجيال جديدة. وهذه الذكريات حيوية وضرورية لاداء الجسم الانساني والكائنات العضوية الاخرى وظيفته ومهامه على نحو صحيح. وعلى سبيل المثال يمكن ان يحدث السرطان عندما (تنسى) الخلايا ان تتعاون مع بقية الجسم وتنقسم خارج السيطرة. (الوطن) |