بريطانيا تسمح باستنساخ أجنّة بشرية بدت بريطانيا امس وكأنها وسّعت المسافة العلمية التي تفصلها عن العالم, عندما اعطت هيئة التخصيب البشري وعلم الأجنة اول إذن بالمضي في بحوث عن استنساخ اجنة بشرية, بهدف الحصول على خلايا المنشأ Stem Cells. ويضع القرار بريطانيا في مقدم دول العالم في علوم خلايا المنشأ التي تعتبر من اهم مجالات الطب في القرن الواحد والعشرين. ويأتي ذلك في وقت يستعر نقاش اميركي حول هذه المسألة, ويخشى كثيرون من علماء اميركا أن يهدد استمرار التشدد الرسمي حيال هذه البحوث بتدني القدرات العلمية للولايات المتحدة في مجال البيولوجيا وبحوثها. وتثير خلايا المنشأ نقاشاً حامياً في دوائر العلم والاخلاق والفلسفة والسياسة والاقتصاد, وتعود حدة النقاش, الى الرهانات المعقودة على تلك الخلايا. فمن ناحية, تستطيع خلايا المنشأ التي تظهر منذ الأيام الأولى بعد تلقيح البويضة بحيوان منوي, ان تعطي كل ما يحتويه جسم الانسان من أعضاء وأنسجة. ويعني الأمر قدرتها على تعويض كل ما يتلف في الجسم. وتعتبر الآن الأمل الوحيد في علاج أمراض مستعصية مثل الشلل الرعاش (باركنسون) وخرف الزهايمر, وداء السكري, والتصلب اللويحي المتعدد في الدماغ, وغيرها. تشكل خلايا المنشأ اساساً لاقتصاد البيولوجيا الذي يتوقع ان يشكل العلامة الفارقة للقرن الواحد والعشرين. في المقابل فان استخراج تلك الخلايا يؤدي, بداهة, الى موت الجنين الذي تؤخذ منه. هل يمكن وصف بويضة ملقحة في عمر اسبوع أو عشرة أيام, بأنها جنين؟ هذا واحد من الأسئلة في بحوث خلايا المنشأ. لذلك أشار علماء بريطانيا, مثل ميودراج ستويكوفيتش, الى ارتياحهم الى الآفاق المذهلة التي يفتحها القرار. والحال ان ستويكوفيتش يرأس مجموعة "ستيم سيل غروب" التي تعمل في اطار معهد الوراثة في جامعة نيوكاسل شمال انكلترا, وقدمت طلب الشروع في بحوث خلايا المنشأ. وكان مجلس العموم (البرلمان) البريطاني اجاز قانونياً تلك البحوث عام 2001, لكن احداً لم يقدم طلباً للشروع فعلياً في بحوث استنساخية. وكذلك شدد العلماء على انهم لن يسمحوا بأن يتحول الأمر الى استنساخ للبشر, وقرروا تدمير الأجنة التي ستستخدم في تلك البحوث, قبل وصولها الى اليوم الرابع عشر من العمر, اي عندما تكون عنقوداً من الخلايا لا يزيد حجمها على رأس الدبوس. وثمة ناحية اخرى في النقاش عن خلايا المنشأ, تركز على طريقة الحصول عليها. واضح ان الحصول على تلك الخلايا من الأجنة, يقترب من التقنيات المستخدمة في الاستنساخ. ولهذا تُسمى تلك العمليات "الاستنساخ العلاجي" Therapuetic Cloning. واذا اطلق العنان امام نموها, تصل الى مرحلة الاستنساخ البشري الكامل. وفيما توافق جهات في العالم على امكان السماح بالاستنساخ العلاجي, مع كثير من الاعتراضات, يثير استنساخ البشر واستيلادهم من غير الطريق الطبيعية عواصف من الاحتجاجات. وتشجع الخطوة البريطانية على المضي في بحوث الاستنساخ العلاجي, بهدف الحصول على الانسجة والاعضاء من تلك الخلايا. ولأن القرن 21 هو قرن البيولوجيا بامتياز, يفتح نقاش مهم, خصوصاً في الدول الصناعية الكبرى, عن خلايا المنشأ. ولم يستطع الاتحاد الاوروبي تخطي الاعتراضات الكثيرة على تلك البحوث. وفي مطلع هذه السنة, أقر البرلمان الياباني قانوناً من شأنه ان يؤدي الى السماح بهذا النوع من البحوث. وفي أواخر 2001 أقر البرلمان الكوري الجنوبي قانوناً يسمح ببحوث الاستنساخ العلاجي للحصول على خلايا المنشأ. وفي شباط (فبراير) الماضي, تمكنت مجموعة من العلماء الكوريين من الحصول على 15 جنيناً عن طريق الاستنساخ للحصول منها على تلك الخلايا. عن : الحياة |