كان هناك من يعتقد أن مجلس النواب (البرلمان) هو أضعف الحلقات من بين المؤسسات السياسية في اليمن، وهناك من لجأ إلى التشكيك في شرعيته بناءً على انتهاء فترة ولايته المحددة دستورياً بستة أعوام، لكن البرلمان بقي بقوة الدستور الذي يفرض عليه الاستمرار في أداء صلاحياته حال تعذر إجراء انتخابات لبرلمان جديد، وأنعشته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية بإيكال مهام تدخل في صلب العملية السياسية، وظل البرلمان حاضراً في تسيير العملية السياسية، ومحافظاً على تماسكه وأداءه أفضل من مؤسستي الرئاسة والحكومة
مرجعيات العملية السياسية:
حسب المادة الدستورية 65 فإن مدة البرلمان المنتخب في العام 2003م تنتهي في 2009م غير أن القوى السياسية الفاعلة حينها، المؤتمر الشعبي العام وتكتل المشترك، توافقت على تعديل ذات المادة ليتم التمديد لسنتين إضافيتين تنتهيان في أبريل 2011م ومرة أخرى تم التمديد لكن هذه المرة تحت ضغط الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلد منذ فبراير 2011م ووفقاً للمادة الدستورية نفسها التي تتيح استمرار البرلمان في ممارسة سلطاته في حال تعذر إجراء انتخابات وحتى يتم انتخاب برلمان جديد.
وأكدت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والموقعتان في أواخر نوفمبر 2011م على دور البرلمان الحالي في التزامات العملية السياسية المبنية عليهما .لتضيف إليه مشروعية أخرى مبنية على توافق المكونات السياسية الموقعة عليهما .
مشاركة فاعلة
خلال الفترة الممتدة منذ توقيع المبادرة الخليجية وحتى الشروع في مفاوضات موفنبيك أواخر فبراير المنصرم، ساهم البرلمان بصورة غير مباشرة ومباشرة في العملية السياسية الانتقالية، وبدأت مشاركته من خلال توقيع أحد أعضاءه على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتتوالى إسهاماته في الفعاليات اللاحقة عبر النواب الذين يتولون مناصب قيادية في أحزابهم .
وفي هذا الصدد كان عشرات النواب من مختلف الكتل البرلمانية الحزبية ضمن قوام مؤتمر الحوار الوطني، ورأس عدد منهم فرق عمل وقضايا مدرجة في أجندة المؤتمر كما تواجدوا في لجنة تحديد الأقاليم المنبثقة عن مؤتمر الحوار وهيئة الرقابة على مخرجاته .
وشملت حكومة الوفاق المشكلة بموجب المبادرة الخليجية في تكوينها أعضاء في البرلمان، ولم تخل مفاوضات موفنبيك من برلمانيين مثلوا مكونات حزبية .
وبشكل مباشر شارك البرلمان في تنظيم انتخابات الرئاسة في 2012م من خلال استقبال طلب ترشيح الرئيس التوافقي حينها عبدربه منصور هادي، وإحالته للجنة العليا للانتخابات، ليستقبله لاحقاً في قاعة النواب لأداء القسم الدستوري، غير إقرار البرلمان لقانون الحصانة ومنح الثقة لحكومة الوفاق، ثم لحكومة الكفاءات المشكلة على أساس اتفاقية السلم والشراكة .
الصلاحيات التشريعية والرقابية
في تلك الأثناء واصل مجلس النواب ممارسة صلاحياته المخولة دستورياً في شقيها التشريعي والرقابي.
وفي المضمار أنجز النواب نحو خمسين قانوناً، ما بين قانون جديد، وتعديلات على قوانين نافذة، فيما لايزال يدرس عدداً من القوانين منها قوانين اقترحتها منظمات مجتمع مدني، وقدمتها وفق الدستور واللائحة البرلمانية عبر نواب، أبرزها قانون جديد للإعلام يتضمن تنظيم مجالات الإعلام الورقية والتلفزيونية والإذاعية والإلكترونية ويخلو من عقوبة سجن الصحافي بسبب النشر التي يشتمل عليها قانون الصحافة النافذ.
وصادق البرلمان على ثلاث عشرة اتفاقية دولية انضمت إليها اليمن، إلى جانب المصادقة على أزيد من ثلاثين اتفاقية قرض لتمويل مشروعات تنموية في مختلف المجالات بينها القطاعات الخدمية في المجالات التعليمية والصحية والكهرباء والطرقات.
واقر النواب نحو أربعين تقريراً رقابياً منها ما يتصل بزيارات ميدانية لجهات حكومية ومحافظات .
وفي السياق وجه نواب أكثر من مئة وعشرين مساءلة برلمانية لوزراء شملت معظم الوزارات الحكومية .
وما زال التعويل قائماً على البرلمان بعد تواتر الأنباء عن حسم الأطراف السياسية في موفنبيك لخيار استمرار مجلس النواب الحالي مع توسيع عضويته، وإشراك مجلس الشورى التابع حالياً للسلطة التنفيذية في المهام البرلمانية .